الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3403 باب من زرع أرضا بغير إذن صاحبها

                                                              391 \ 3261 - عن عطاء وهو ابن أبي رباح- عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته

                                                              وأخرجه ابن ماجه والترمذي، وقال: حسن غريب، لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه، من حديث شريك بن عبد الله. قال: وسألت [ ص: 451 ] محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن. وقال: لا أعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك.

                                                              وقال الخطابي: هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة بالحديث. وحدثني الحسن بن يحيى، عن موسى بن هارون الحمال أنه كان ينكر هذا الحديث ويضعفه، ويقول: لم يروه عن أبي إسحاق غير شريك [ولا رواه عن عطاء غير أبي إسحاق، وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئا. وضعفه البخاري أيضا، وقال: تفرد بذلك شريك] عن أبي إسحاق، وشريك يهم كثيرا أو أحيانا.

                                                              وقال الخطابي: وحكى ابن المنذر عن أبي داود قال: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن حديث رافع بن خديج؟ فقال: عن رافع ألوان، ولكن أبا إسحاق زاد فيه: "زرع بغير إذنه "، وليس غيره يذكر هذا الحرف.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وليس مع من ضعف الحديث حجة، فإن رواته محتج بهم في الصحيح، وهم أشهر من أن يسأل عن توثيقهم وقد [ ص: 452 ] حسنه إمام المحدثين أبو عبد الله البخاري، والترمذي بعده، وذكره أبو داود ولم يضعفه، فهو حسن عنده، واحتج به الإمام أحمد وأبو عبيد، وقد تقدم شاهده من حديث رافع بن خديج في قصة " الذي زرع في أرض ظهير بن رافع - فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الأرض أن يأخذوا الزرع ويردوا عليه نفقته "، وقال فيه لأصحاب الأرض: " خذوا زرعكم "، فجعله زرعا لهم.

                                                              لأنه تولد من منفعة أرضهم، فتولده في الأرض كتولد الجنين في بطن أمه.

                                                              ولو غصب رجل فحلا فنزا على ناقته، أو رمكته لكان الولد لصاحب الأنثى، دون صاحب الفحل؛ لأنه إنما يكون حيوانا من أجزائها، ومني الأب لما لم يكن له قيمة أهدره الشارع؛ لأن عسب الفحل لا يقابل بالعوض.

                                                              ولما كان البذر مالا متقوما رد على صاحبه قيمته، ولم يذهب عليه باطلا.

                                                              وجعل الزرع لمن يكون في أرضه، كما يكون الولد لمن يكون في بطن أمه ورمكته وناقته،

                                                              فهذا محض القياس لو لم يأت فيه حديث، فمثل هذا الحديث الحسن، الذي له شاهد من السنة على مثله - وقد تأيد بالقياس الصحيح - من حجج الشريعة، وبالله التوفيق.

                                                              [ ص: 453 ]



                                                              الخدمات العلمية