الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مطلب : nindex.php?page=treesubj&link=19704هل إذا لم يكرر العبد التوبة كلما خطر ذنبه بباله يكون ناقصا للتوبة أم لا ؟
وقال ابن الجوزي : واعلم أن التوبة ندم يورث عزما وقصدا ، وعلامة الندم طول الحزن على ما فات . وعلامة العزم والقصد التدارك لما فات وإصلاح ما يأتي . فإن كان الماضي تفريطا في عبادة قضاها ، أو مظلمة أداها ، أو خطيئة لا توجب غرامة حزن إذ تعاطاها . قال ومن علامات التائب أن يغضب على نفسه كما غضب ماعز والغامدية فأسلماها إلى الهلاك قال وهذا ذكرناه مثالا . وإن كنا لا نرى إلا أن العاصي يستر نفسه . ومنها أن تضيق [ ص: 571 ] الأرض عليه كما ضاقت على nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك وصاحبيه . فيستولي عليه الحزن والبكاء فيشغله عن اللهو والضحك . قال ومتى nindex.php?page=treesubj&link=19720قصر في قضاء دين أو رد مظلمة دل على ضعف التوبة . انتهى .
وقال في نهاية المبتدئين : قال nindex.php?page=showalam&ids=12915أبو الحسين : التوبة ندم العبد على ما كان منه ، والعزم على ترك مثله كلما ذكره ، وتكرار فعل التوبة كلما خطرت معصيته بباله ، ومن لم يفعل ذلك عاد مصرا ناقضا للتوبة . وهذا معنى كلام nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل السابق ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=12915أبو الحسين يقول يكون ناقضا للتوبة . وعند nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل يدل على عدم الندم فلم يوجد عنده توبة شرعية . قال ابن مفلح : وبطلانها بالمعاودة أقرب . قال والأظهر مذهبا ودليلا أنها لا تبطل بذلك .
وفي الفصول nindex.php?page=showalam&ids=13371لابن عقيل أن nindex.php?page=treesubj&link=12149_19719المظاهر إذا عزم على الوطء راجع عن تحريمها بعزمه ، وهذا يدل على أن العزم على معاودة الذنب مع التصميم على التوبة نقض للتوبة ، فجعله ناقضا للتوبة بالعزم لا بغيره ، وهذا أظهر من كلامه السابق وكلام nindex.php?page=showalam&ids=12915أبي الحسين . ثم إن أراد أنه يؤخذ بالذنب السابق الذي تاب منه فهو ضعيف ، وإن أراد انتقاض التوبة وقت العزم بالنسبة إلى المستقبل ، وأنه يؤاخذ من العزم بالنسبة إلى المستقبل فهذا يبنى على المؤاخذة بأفعال القلوب .
قد فصل الإمام الحافظ ابن رجب ذلك تفصيلا حسنا . وحاصله أن nindex.php?page=treesubj&link=28853الهم بالسيئات من غير عمل لها تارة يتركه الهام به لخوف الله تعالى فيكتب حسنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم حاكيا عن الله { إنما تركها من جرائي } يعني من أجلي وهو بفتح الجيم وتشديد الراء ممدودا ومقصورا .
وفي رواية في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=39525وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة } وأما إن تركها خوفا من المخلوقين أو مراءاة لهم فقد قيل إنه يعاقب على تركها بهذه النية ; لأن تقديم خوف المخلوقين على خوف الله محرم .
وكذلك nindex.php?page=treesubj&link=18711_18692قصد الرياء محرم ، فإذا اقترن به ترك المعصية لأجله عوقب على هذا الترك . وقد روى أبو نعيم بإسناد ضعيف عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : يا صاحب الذنب لا تأمنن سوء عاقبته ، ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا [ ص: 572 ] عملته - فذكر كلاما - وقال : وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك ، أعظم من الذنب إذا عملته .