الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8273 ) فصل : وإذا حضر القاضي خصوم كثيرة ، قدم الأول فالأول . وينبغي أن يبعث من يكتب من جاء الأول فالأول ، فيقدمه . قال ابن المنذر : الأحسن أن يتخذ خيطا ممدودا ، طرفه يلي مجلس الحاكم ، والطرف الآخر مجلس الخصوم ، فكل من جاء كتب اسمه في رقعة ، وثقبها ، وأدخلها في الخيط مما يلي مجلس الخصوم ، حتى يأتي على آخرهم ، فإذا جلس القاضي مد يده إلى الطرف الذي يليه ، فأخذ الرقعة التي تليه ، ثم التي بعدها كذلك ، حتى يأتي على آخرها فإن بقي منها شيء ، وزال الوقت الذي يقضي فيه ، عرف الطرف الذي يليه حين يجلس ، فيتناول في المجلس الثاني الرقاع ، كفعله بالأمس .

                                                                                                                                            والاعتبار بسبق المدعي ; لأن الحق له ، ومتى قدم رجلا لسبقه فحكم بينه وبين خصمه ، فقال : لي دعوى أخرى . لم يسمع منه ; لأنه قد قدمه بسبقه في خصومة ، فلا يقدمه بأخرى ، ويقول له : اجلس حتى إذا لم يبق أحد من الحاضرين ، نظرت في دعواك الأخرى إن أمكن . فإذا فرغ الكل ، فقال الأخير بعد فصل خصومته : لي دعوى أخرى . لم يسمع منه ، حتى يسمع دعوى الأول الثانية ، ثم يسمع دعواه .

                                                                                                                                            وإن ادعى المدعى عليه ، على المدعي ، حكم بينهما ; لأننا إنما نعتبر الأول فالأول في الدعوى ، لا في المدعى [ ص: 122 ] عليه . وإذا تقدم الثاني ، فادعى على المدعي الأول ، أو المدعى عليه الأول ، حكم بينهما .

                                                                                                                                            وإن حضر اثنان ، أو جماعة دفعة واحدة ، أقرع بينهم ، فقدم من خرجت له القرعة ; لتساوي حقوقهم ، وإن كثر عددهم ، كتب أسماءهم في رقاع ، وتركها بين يديه ، ومد يده فأخذ رقعة رقعة ، واحدة بعد أخرى ، ويقدم صاحبها حسب ما يتفق . ( 8274 ) فصل : فإن حضر مسافرون ومقيمون ، وكان المسافرون قليلا ، بحيث لا يضر تقديمهم على المقيمين ، قدمهم ; لأنهم على جناح السفر ، يشتغلون بما يصلح للرحيل ، وقد خفف الله عنهم الصوم وشطر الصلاة تحقيقا عنهم ، وفي تأخيرهم ضرر بهم ، فإن شاء أفرد لهم يوما يفرغ من حوائجهم فيه ، وإن شاء قدمهم من غير إفراد يوم لهم .

                                                                                                                                            فإن كانوا كثيرا ، بحيث يضر تقديمهم ، فهم والمقيمون سواء ، لأن تقديمهم مع القلة ، إنما كان لدفع الضرر المختص بهم فإذا آل دفع الضرر عنهم إلى الضرر بغيرهم ، تساووا . ولا خلاف في أكثر هذه الآداب ، وأنها ليست شرطا في صحة القضاء ، فلو قدم المسبوق ، أو قدم الحاضرين ، أو نحوه ، كان قضاؤه صحيحا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية