الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          [ ص: 1220 ] قوله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة

                                          [6885] حدثنا أبي ، ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، ثنا حديج ، ثنا أبو إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن أبيه ، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلقان من الثياب ، فقال لي: هل لك من مال؟. قلت: نعم. قال: من أين المال؟. قال: فقلت: من كل المال من الإبل والغنم ، والخيل ، والرقيق. قال: فإذا أتاك الله مالا فلير عليك. ثم قال: تنتج إبلك وافية آذانها؟. قال: قلت: نعم ، قال: وهل تنتج الإبل إلا كذلك؟. قال: فلعلك تأخذ موسى ، فتقطع آذان طائفة منها ، وتقول: هذه بحيرة ، وتشق آذان طائفة منها ، وتقول هذه صرم؟ " فقلت: نعم ، قال: فلا تفعل إن كل ما أتاك الله لك حل. ثم قال: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام أما البحيرة فهي التي تجدعون آذانها فلا تنتفع امرأته ولا بناته ولا أحد من أهل بيته بصوفها ولا أوبارها ولا أشعارها ولا ألبانها. فإذا ماتت اشتركوا فيها

                                          [6886] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا عمرو العنقزي ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام قال: البحيرة: الناقة التي قد ولدت خمسة أبطن فجعلها لآلهته فلا تشرب امرأته ولا أخته ولا ذات قرابة من لبنها ، ولا تنتفع بشيء من وبرها ، ولا تمنع الكلأ والماء فإذا ماتت كانوا فيها سواء

                                          والوجه الثاني

                                          [6887] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة فأما البحيرة فهي الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس ، فإن كان ذكرا ذبحوه ، فأكله الرجال دون النساء ، وإن كانت أنثى جدعوا آذانها فقالوا: هذه بحيرة

                                          [6888] وأخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، فيما كتب إلي ، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: ما جعل الله من بحيرة والبحيرة من الإبل كانت الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكرا ذبحوه فأهدوه إلى آلهتهم ، وكانت [ ص: 1221 ] أمه من عرض الإبل ، وإن كانت ربعة استحيوها وشقوا آذان أمها وجزوا وبرها وخلوها من البطحاء فلا يجزون له وبرا ولا يحلبوا لها لبنا ولم يجزوا لها وبرا ، ولم يحملوا على ظهرها ، وهي من الأنعام التي حرمت ظهورها

                                          الوجه الثالث

                                          [6889] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال: كان ابن المسيب يقول: إن البحيرة التي يمنع درها للطواغيت ولا يحلبها أحد من الناس

                                          والوجه الرابع

                                          [6890] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب بن الحارث ، ثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، في قوله: بحيرة قال: إذا أنتجت الناقة ستة أبطن إناثا كلها شقت آذانها ولا ينتفع منها بشيء ، فما كان منها فللأوثان

                                          قوله تعالى: ولا سائبة

                                          [6891] حدثنا أبي ، ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، ثنا حديج ، ثنا أبو إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن أبيه ، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة فقال: " وأما السائبة فهي التي يسيبون لآلهتهم. يذهبون إلى آلهتهم فيسيبونها

                                          [6892] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، ولا سائبة قال: وأما السائبة فكانوا يسيبون من أنعامهم لآلهتهم ، ولا يركبون لها ظهرا ، ولا يحلبون لها لبنا ، ولا يجزون لها وبرا ، ولا يحملون عليها شيئا، وكانوا يحرمون طائفة من أنعامهم لا يذكرون شيئا من اسم الله على شيء منها ، لا إن ركبوا ، ولا إن نتجوا ، ولا إن حملوا ولا إن ذبحوا. وروي عن سعيد بن المسيب قال: تسيب فلا يحمل عليها شيء [ ص: 1222 ]

                                          والوجه الثاني

                                          [6893] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ولا سائبة والسائبة في الغنم نحو ما فسر من البحيرة إلا أنها ما ولدت من ولد بينها وبين ستة أولاد كانت على هيئتها ، وإذا ولدت السابع ذكرا أو ذكرين ، ذبحوه وأكله رجالهم دون نسائهم

                                          والوجه الثالث

                                          [6894] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب بن بشر بن عبادة ، عن أبي روق ، قوله: ولا سائبة قال: كانت الناقة تكون للرجل لرحله فإذا خرج في وجه فقضى حاجته في ذلك الوجه فجعلها سائبة ، فما كان منها فهو للأوثان من لبن أو وبر أو غير ذلك

                                          [6895] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: ولا سائبة وأما السائبة فهو الرجل يسيب من ماله ما شاء على وجه الشكر إن كثر ماله أو برئ من وجع ، أو ركب ناقة فانجمع ، فإنه يسمي السائبة يرسلها ، ولا يعرض لها أحد من العرب إلا أصابته عقوبة في الدنيا

                                          والوجه الرابع

                                          [6896] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا أبو الأصبغ ، حدثني محمد بن سلمة ، قال ابن إسحاق : والسائبة: الناقة إذا ولدت عشرة إناث ليس بينهن ذكر فسيبت فلم تركب ولم يجز وبرها ولم يحلب لبنها إلا لضيف

                                          قوله تعالى: ولا وصيلة

                                          [6897] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح الوحاظي ، ثنا حديج ، ثنا أبو إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن أبيه ، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة فقال: وأما الوصيلة فالتي تلد ستة أبطن وتلد السابعة جدعت وقطن قرنها فيقولون قد وصلت فلا يذبحونها ولا تضرب ولا تمنع مما ورد على حوض.

                                          [6898] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: ولا وصيلة قال: وأما الوصيلة فالشاة إذا أنتجت سبعة [ ص: 1223 ] أبطن نظروا السابع فإن كان ذكرا أو أنثى وهو من اشترك فيه الرجال دون النساء ، وإن كانت أنثى استحيوها ، وإن كان ذكرا وأنثى في بطن استحيوها، وقالوا: وصلته أخته فحرمته علينا

                                          [6899] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب ، أنبأ بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، قوله: ولا وصيلة قال: الوصيلة من الغنم قال: كانت الشاة إذا ولدت ستة أبطن إناثا كلها ، وكان السابع جديا وعناقا ، قالوا قد وصلت هذه فلا ينتفع منها بشيء وما كان منها فهو للأوثان

                                          والوجه الثاني

                                          [6900] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى ، ثنا محمد بن سلمة ، قال ابن إسحاق : والوصيلة من الغنم إذا ولدت عشرة إناث في خمسة أبطن توءمين في كل بطن سميت الوصيلة وتركت ، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى جعلت للذكور دون الإناث ، وإن كانت ميتة اشتركوا فيها

                                          [6901] وأخبرنا أبو يزيد القراطيسي ، فيما كتب إلي ، ثنا أصبغ بن الفرج ، قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، يقول: الوصيلة من الغنم إذا ولدت سبع إناث متواليات فقد حمت لحمها أن يؤكل

                                          والوجه الثالث

                                          [6902] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن الأشيب ، ولا وصيلة قال: فالوصيلة في الإبل كانت الناقة تبكر في الأنثى ثم تلت بأنثى ، سموها الوصيلة ، ويقولون: وصلت اثنتين ليس بينهما ذكر ، فكانوا يجدعونها لطواغيتهم وروي عن مالك بن أنس نحو ذلك

                                          قوله: ولا حام

                                          [6903] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: ولا حام وأما الحامي فالفحل من الإبل إذا ولد لولده ، قالوا: حمى هذا ظهره ، فلا يحملون عليه شيئا ، ولا يجزون له وبرا ، ولا يمنعونه من حمى ، ولا من حوض شرب فيه ، وإن كان الحوض لغير صاحبه [ ص: 1224 ]

                                          والوجه الثاني

                                          [6904] أخبرنا محمد بن سعد العوفي ، فيما كتب إلي ، حدثني أبي ، حدثني عمي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ولا حام قال: كان الرجل له الفحل فإذا لقح عشرا ، قيل حام فاتركوه

                                          [6905] وحدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب ، ثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، قوله: ولا حام قال: كان الجمل إذا كان لصلبه عشرة كلها يضرب في الإبل قالوا: قد حمى ذلك ظهره لا ينتفع منه بشيء فهو للأوثان

                                          والوجه الثالث

                                          [6906] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، في قوله: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام والحامي الفحل من الإبل إذا كان يضرب الضراب المعدود ، فإذا بلغ ذلك ، قالوا: قد حمى ظهره ، فيترك فسموه الحامي قال معمر : قال قتادة: إذا ضرب عشرة

                                          [6907] حدثنا أبو زرعة ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، قال: سمعت مالكا ، يقول: أما الحامي فمن الإبل كان يضرب في الإبل فإذا انقضى ضرابه جعلوا عليه ريش الطواويس وسيبوه

                                          قوله تعالى: ولكن الذين كفروا

                                          [6908] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة ، عن سفيان الثوري ، عن داود بن أبي هند ، عن محمد بن أبي موسى ، في قوله: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب قال: أهل الكتاب

                                          [6909] حدثنا أبي ، ثنا عبد العزيز بن منيب ، ثنا أبو معاذ النحوي ، ثنا خارجة ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، في قوله: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب قال: هم الأتباع

                                          قوله تعالى: يفترون على الله الكذب

                                          [6910] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب بن الحارث ، ثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله: يفترون يكذبون في الدنيا [ ص: 1225 ]

                                          [6911] حدثنا أبي ، ثنا عبد العزيز بن منيب ، ثنا أبو معاذ النحوي ، ثنا خارجة ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، في قوله: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب قال: أما الذين افتروا فعقلوا أنهم افتروا

                                          [6912] حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا العباس ، ثنا يزيد ، ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: يفترون أي يشركون

                                          قوله تعالى: وأكثرهم لا يعقلون

                                          [6913] حدثنا محمد بن يحيى ، أنبأ العباس بن الوليد ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: وأكثرهم لا يعقلون يقول: تحريم الشيطان الذي حرم عليهم إنما كان من الشيطان ولا يعقلونه

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية