الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                539 [ ص: 171 ] 20 - باب

                                ذكر العشاء والعتمة ، ومن رآه واسعا

                                التالي السابق


                                مراده : أن العشاء الآخرة تسمى العشاء ، وتسمى العتمة ، وأنه يجوز تسميتها بالعتمة من غير كراهة ، وإن كان تسميتها بالعشاء أفضل ; اتباعا لقول الله عز وجل : ومن بعد صلاة العشاء

                                وهذا قول كثير من العلماء ، أو أكثرهم ، وهو ظاهر كلام أحمد ، وقول أكثر أصحابه ، وكذا قال الشافعي في ( الأم ) : أحب إلي أن لا تسمى العشاء الآخرة عتمة ، وهو قول كثير من أصحابه ، أو أكثرهم .

                                ومنهم من قال : يكره أن تسمى عتمة ، وهو وجه ضعيف لأصحابنا .

                                وقد روي عن طائفة من السلف ، منهم : ابن عمر وكان يكرهه كراهة شديدة ، ويقول : أول من سماها بذلك الشيطان . وكرهه - أيضا - ابنه سالم وابن سيرين .

                                وخرج مسلم من حديث عبد الله بن أبي لبيد ، عن أبي سلمة ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، ألا إنها العشاء ، وهم يعتمون بالإبل ) .

                                وفي رواية له - أيضا - : ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء ، فإنها في كتاب الله العشاء ، وإنها تعتم بحلاب الإبل ) .

                                كذا رواه ابن أبي لبيد ، عن أبي سلمة .

                                وابن أبي لبيد كان يتهم بالقدر . وقال العقيلي : كان يخالف في بعض حديثه .

                                [ ص: 172 ] وتابعه عليه ابن أبي ليلى ، عن أبي سلمة ، وابن أبي ليلى ليس بالحافظ .

                                ورواه عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا .

                                وقيل : عن ابن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة - مرفوعا .

                                وخرجه ابن ماجه . وليس بمحفوظ .

                                وفيه - أيضا - : عن عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                وفي إسناده جهالة .

                                وقد حمله بعض أصحابنا على كراهة نفي الكمال دون الكراهة ، وحمله بعضهم على كراهة هجران اسم العشاء وغلبة اسم العتمة عليها كفعل الأعراب .

                                وتسميتها في كتاب الله بالعشاء لا يدل على كراهة تسميتها بغيره ، كما أن الله تعالى سمى صلاة الصبح صلاة الفجر ، ولا يكره تسميتها صلاة الصبح .

                                خرج البخاري في هذا الباب حديثا مسندا ، وذكر فيه أحاديث كثيرة تعليقا ، وقد خرج عامتها في مواضع أخر من كتابه ، فقال :

                                وقال أبو هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر ) . وقال : ( لو يعلمون ما في العتمة والفجر ) .

                                حديث أبي هريرة قد أسنده في ( باب : فضل صلاة العشاء في جماعة ) ، وخرج قبله في ( باب : فضل التهجير إلى الظهر ) من حديث أبي هريرة - مرفوعا - : ( لو يعلمون ما في العتمة والصبح ) . وخرجه أيضا - في ( باب : الاستهام على الأذان ) .



                                الخدمات العلمية