الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتبطل ) أي المساقاة ( كالمزارعة بموت أحدهما ومضي مدتها والثمر نيء ) هذا قيد لصورتي الموت ومضي المدة ( فإن مات العامل تقوم ورثته عليه ) إن شاءوا حتى يدرك الثمر ( وإن كره الدافع ) أي رب الأرض ، وإن أرادوا القلع لم يجبروا على العمل ( وإن مات الدافع يقوم العامل كما كان وإن كره ورثة الدافع ) دفعا للضرر [ ص: 291 ] ( وإن ماتا ) ( فالخيار في ذلك لورثة العامل ) كما مر ( وإن ) ( لم يمت أحدهما بل انقضت مدتها ) أي المساقاة ( فالخيار للعامل ) إن شاء عمل على ما كان

التالي السابق


( قوله فإن مات العامل إلخ ) أشار إلى أن العقد وإن بطل لكنه يبقى حكما أي استحسانا كما في شرحه على الملتقى وغيره دفعا للضرر ، فاندفع ما في الشرنبلالية من دعوى التنافي تأمل ( قوله وإن أرادوا القلع ) التعبير به يناسب المزارعة لا المساقاة ا هـ ح .

قلت : والأحسن القطع لأنه أشمل تأمل ( قوله لم يجبروا على العمل ) أي بل يخير الآخر بين أن يقسم البسر على الشرط ، وبين أن يعطيهم قيمة نصيبهم من البسر ، وبين أن ينفق على البسر حتى يبلغ فيرجع بذلك في حصتهم من الثمر كما في الهداية ح ( قوله يقوم العامل إلخ ) ولو التزم الضرر تتخير ورثة الآخر كما مر ، ونظيره في المزارعة كما في الهداية أيضا .

واستشكل الزيلعي الرجوع على العامل أو ورثته في حصته من الثمر فقط ، وكان ينبغي الرجوع بجميع النفقة لأن العامل إنما يستحق بالعمل وكان العمل كله عليه ، ولهذا إذا اختار المضي أو لم يمت صاحبه كان العمل كله عليه ، فلو كان الرجوع بحصته فقط يؤدي إلى أن العمل يجب عليهما حتى تستحق المؤنة بحصته فقط وهذا خلف [ ص: 291 ] لأنه يؤدي إلى استحقاق العامل بلا عمل في بعض المدة وكذا هذا الإشكال وارد في المزارعة أيضا ا هـ . وأجاب في السعدية بأن المعنى أن الرجوع في حصة العامل بجميع النفقة لا بحصته كما فهمه هذا الفاضل ا هـ . وهذا الجواب موافق لما قدمناه في المزارعة على التتارخانية ، من أنه يرجع بجميع النفقة مقدرا بالحصة ، ولقول الهداية هناك يرجع بما ينفقه في حصته ولم يقل بنصفه ولا بحصته ، ومعنى كونه مقدرا بالحصة أنه يرجع بما أنفق في حصة العامل إن كان قدرها أو دونها لا بالزائد عليها كما نقل عن المقدسي . قال الحموي : نعم يرد هذا : أي إشكال الزيلعي على ما في الكافي والغاية والمبسوط من أنه يرجع بنصف ما أنفقه .

هذا ، واعلم أن الرجوع بجميع النفقة هو الموافق لما قرره في المزارعة ، وتقدم متنا من أنه لو مات رب الأرض والزرع بقل فالعمل على العامل لبقاء العقد ، ولو انقضت المدة فعليهما بالحصص وعن هذا صرح في الذخيرة بأن ورثة رب الأرض إذا أنفقوا بأمر القاضي رجعوا بجميع النفقة مقدرا بالحصة ، وفي انتهاء المدة يرجع رب الأرض على المزارع بالنصف مقدرا بالحصة . والفرق بقاء العقد في الأول ، وكون العمل على العامل فقط ، بخلاف الثاني ، وتمامه مر في المزارعة ، وهذا كله وإن كان في المزارعة لكن المساقاة مثلها كما قدمناه آنفا عن الهداية ويأتي ، ولم يفرقوا هنا بينهما إلا من وجه واحد يأتي قريبا . ثم اعلم أن ظاهر التقييد بأمر القاضي أنه لا رجوع بدونه فتنبه ( قوله وإن ماتا إلخ ) قال في الهداية : فإن أبى ورثة العامل أن يقوموا عليه كان الخيار في ذلك لورثة رب الأرض على ما وصفنا ( قوله بل انقضت مدتها ) أي والثمر نيء ، فهذا والأول سواء هداية ( قوله إن شاء عمل ) أي كالمزارعة لكن هنا لا يجب على العامل أجر حصته إلى أن يدرك لأن الشجر لا يجوز استئجاره ، بخلاف المزارعة حيث يجب عليه أجر مثل الأرض ، وكذا العمل كله على العامل وفي المزارعة عليهما زيلعي ، وإن أبى عن العمل خير الآخر بين خيارات ثلاثة كما بينا أتقاني .



[ فرع ]

قام العامل على الكرم أياما ثم ترك فلما أدرك الثمر جاء يطلب الحصة إن ترك في وقت صار للثمرة قيمة له الطلب ، وإن قبله فلا بزازية




الخدمات العلمية