الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بور ]

                                                          بور : البوار : الهلاك ، بار بورا وبوارا وأبارهم الله ، ورجل بور . قال عبد الله بن الزبعرى السهمي :


                                                          يا رسول الإله إن لساني راتق ما فتقت ، إذ أنا بور .



                                                          وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث . وفي التنزيل : وكنتم قوما بورا ; وقد يكون بور هنا جمع بائر مثل حول وحائل ، وحكى الأخفش عن بعضهم أنه لغة وليس بجمع لبائر كما يقال أنت بشر وأنتم بشر ، وقيل : رجل بائر وقوم بور . بفتح الباء ، فهو على هذا اسم للجمع كنائم ونوم وصائم وصوم . وقال الفراء في قوله : وكنتم قوما بورا ; قال : البور مصدر يكون واحدا وجمعا . يقال : أصبحت منازلهم بورا أي لا شيء فيها ، وكذلك أعمال الكفار تبطل . أبو عبيدة : رجل بور ورجلان بور وقوم بور ، وكذلك الأنثى ، ومعناه هالك . قال أبو الهيثم : البائر الهالك ، والبائر المجرب . والبائر الكاسد ، وسوق بائرة أي كاسدة . الجوهري : البور الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه . وقد بار فلان أي هلك . وأباره الله : أهلكه . وفي الحديث : فأولئك قوم بور ، أي هلكى ، جمع بائر ، ومنه حديث علي : لو عرفناه أبرنا عترته ، وقد ذكرناه في فصل الهمزة في أبر . وفي حديث أسماء في ثقيف : كذاب ومبير ، أي مهلك يسرف في إهلاك الناس ، يقال : بار الرجل يبور بورا ، وأبار غيره ، فهو مبير . ودار البوار : دار الهلاك . ونزلت بوار [ ص: 179 ] على الناس ، بكسر الراء ، مثل قطام اسم الهلكة ، قال أبو مكعت الأسدي ، واسمه منقذ بن خنيس ، وقد ذكر أن ابن الصاغاني قال أبو مكعت : اسمه الحارث بن عمرو ; قال : وقيل هو لمنقذ بن خنيس :


                                                          قتلت فكان تباغيا وتظالما     إن التظالم في الصديق بوار .



                                                          والضمير في قتلت ضمير جارية اسمها أنيسة قتلها بنو سلامة ، وكانت الجارية لضرار بن فضالة ، واحترب بنو الحارث وبنو سلامة من أجلها ، واسم كان مضمر فيها تقديره : فكان قتلها تباغيا ، فأضمر القتل لتقدم قتلت على حد قولهم : من كذب كان شرا له أي كان الكذب شرا له . الأصمعي : بار يبور بورا إذا جرب . والبوار : الكساد . وبارت السوق وبارت البياعات إذا كسدت تبور ، ومن هذا قيل : نعوذ بالله من بوار الأيم أي كسادها ، وهو أن تبقى المرأة في بيتها لا يخطبها خاطب ، من بارت السوق إذا كسدت ، والأيم التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها أحد . والبور الأرض التي لا تزرع والمعامي المجهولة والأغفال ونحوها . وفي كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : لأكيدر دومة : " ولكم البور والمعامي وأغفال الأرض " ، وهو بالفتح مصدر وصف به ويروى بالضم ، وهو جمع البوار ، وهي الأرض الخراب التي لم تزرع . وبار المتاع : كسد . وبار عمله : بطل . ومنه قوله تعالى : ومكر أولئك هو يبور . وبور الأرض ، بالضم : ما بار منها ولم يعمر بالزرع . وقال الزجاج : البائر في اللغة الفاسد الذي لا خير فيه ; قال : وكذلك أرض بائرة متروكة من أن يزرع فيها . وقال أبو حنيفة : البور ، بفتح الباء وسكون الواو ، الأرض كلها قبل أن تستخرج حتى تصلح للزرع أو الغرس . والبور : الأرض التي لم تزرع ، عن أبي عبيد وهو في الحديث . ورجل حائر بائر يكون من الكسل ويكون من الهلاك . وفي التهذيب : رجل حائر بائر لا يتجه لشيء ضال تائه ، وهو إتباع ، والابتيار مثله . وفي حديث عمر : الرجال ثلاثة ، فرجل حائر بائر إذا لم يتجه لشيء . ويقال للرجل إذا قذف امرأة بنفسه . إنه فجر بها ، فإن كان كاذبا فقد ابتهرها ، وإن كان صادقا فهو الابتيار ، بغير همز ، افتعال من برت الشيء أبوره إذا خبرته ، وقال الكميت :


                                                          قبيح بمثلي نعت الفتا     ة ، إما ابتهارا وإما ابتيارا .



                                                          يقول : إما بهتانا وإما اختبارا بالصدق لاستخراج ما عندها ، وقد ذكرناه في بهر . وباره بورا وابتاره ، كلاهما : اختبره ، قال مالك ابن زغبة :


                                                          بضرب كآذان الفراء فضوله     وطعن كإيزاغ المخاض تبورها .



                                                          قال أبو عبيد : كإيزاغ المخاض يعني قذفها بأبوالها ، وذلك إذا كانت حوامل ، شبه خروج الدم برمي المخاض أبوالها . وقوله : تبورها تختبرها أنت حتى تعرضها على الفحل ، ألاقح هي أم لا ؟ وبار الفحل الناقة يبورها بورا ويبتارها وابتارها : جعل يتشممها لينظر ألاقح هي أم حائل ; وأنشد بيت مالك بن زغبة أيضا . الجوهري : برت الناقة أبورها بورا عرضتها على الفحل تنظر ألاقح هي أم لا ; لأنها إذا كانت لاقحا بالت في وجه الفحل إذا تشممها ، ومنه قولهم : بر لي ما عند فلان أي اعلمه وامتحن لي ما في نفسه . وفي الحديث أن داود سأل سليمان - عليهما السلام - وهو يبتار علمه أي يختبره ويمتحنه ، ومنه الحديث : كنا نبور أولادنا بحب علي - عليه السلام - . وفي حديث علقمة الثقفي : حتى والله ما نحسب إلا أن ذلك شيء يبتار به إسلامنا . وفحل مبور : عالم بالحالين من الناقة . قال ابن سيده : وابن بور حكاه ابن جني في الإمالة ، والذي ثبت في كتاب سيبويه ابن نور ، بالنون ، وهو مذكور في موضعه . والبوري والبورية والبورياء والباري والبارياء والبارية : فارسي معرب ، قيل : هو الطريق ، وقيل : الحصير المنسوج ، وفي الصحاح : التي من القصب . قال الأصمعي : البورياء بالفارسية وهو بالعربية باري وبوري ; وأنشد للعجاج يصف كناس الثور :


                                                          كالخص إذ جلله الباري .



                                                          قال : وكذلك البارية . وفي الحديث : كان لا يرى بأسا بالصلاة على البوري ، هي الحصير المعمول من القصب ، ويقال فيها : بارية وبورياء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية