الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا سبب نزولها: أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ماتوا وهم يشربون الخمر ، إذ كانت مباحة ، فلما حرمت ، قال ناس: كيف بأصحابنا وقد ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت هذه الآية ، قاله البراء بن عازب . و "الجناح": الإثم . وفيما طعموا ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 420 ] أحدها: ما شربوا من الخمر قبل تحريمها ، قاله ابن عباس ، والجمهور . قال ابن قتيبة: يقال: لم أطعم خبزا وأدما ولا ماء ولا نوما . قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      فإن شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا



                                                                                                                                                                                                                                      النقاخ: الماء [البارد] الذي ينقخ الفؤاد ببرده ، والبرد: النوم .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: ما شربوا من الخمر وأكلوا من الميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: ما طعموا من المباحات . وفي قوله: إذا ما اتقوا ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: اتقوا بعد التحريم ، قاله ابن عباس . والثاني: اتقوا المعاصي والشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: اتقوا مخالفة الله في أمره . وفي قوله: وآمنوا قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: آمنوا بالله ورسوله . والثاني: آمنوا بتحريمها . وعملوا الصالحات : قال مقاتل: أقاموا على الفرائض .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ثم اتقوا في هذه "التقوى" المعادة أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن المراد خوف الله عز وجل . والثاني: أنها تقوى الخمر والميسر بعد التحريم . والثالث: أنها الدوام على التقوى . والرابع: أن التقوى الأولى مخاطبة لمن شربها قبل التحريم ، والثانية لمن شربها بعد التحريم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وآمنوا في هذا "الإيمان" المعاد قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: صدقوا بجميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: آمنوا بما يجيء من الناسخ والمنسوخ .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 421 ] قوله تعالى: ثم اتقوا وأحسنوا في هذه "التقوى" الثالثة أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: اجتنبوا العود إلى الخمر بعد تحريمها ، قاله ابن عباس . والثاني: اتقوا ظلم العباد . والثالث: توقوا الشبهات . والرابع: اتقوا جميع المحرمات .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي "الإحسان" قولان . أحدهما: أحسنوا العمل بترك شربها بعد التحريم ، قاله ابن عباس . والثاني: أحسنوا العمل بعد تحريمها ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية