الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر فوائد تتعلق بهذه الأخبار

حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث على رأس أربعين.

المتفق عليه بين أهل النقل مما فيه: إقامته عليه السلام بالمدينة عشرا، وأما إقامته بمكة فمختلف في مقدارها، وسيأتي ذلك في آخر الكتاب عند ذكر وفاته عليه الصلاة والسلام.

وأما سنه عليه الصلاة والسلام حين نبئ; فالمروي عن ابن عباس ، وجبير بن مطعم، [ ص: 175 ] وقباث بن أشيم ، وعطاء ، وسعيد بن المسيب، كالمروي عن أنس، وهو الصحيح عند أهل السير وغيرهم; قال أبو القاسم السهيلي: وقد روي أنه نبئ لأربعين وشهرين.

وفي حديث عمرو بن شعيب: فاجتمع رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى.

والمراد - والله أعلم - ينتظرون فراغه من الصلاة، وأما حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين فقد كان انقطع منذ نزلت ( والله يعصمك من الناس ) وذلك قبل تبوك، والله أعلم.

وحديث جابر بن سمرة: "إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي".

هذا هو المعروف بغير زيادة، وقد روي أن ذلك الحجر هو الحجر الأسود، ويحتمل أن يكون هذا التسليم حقيقة، وأن يكون الله أنطقه بذلك، كما خلق الحنين في الجذع. ويحتمل أن يكون مضافا إلى ملائكة يسكنون هناك من باب ( واسأل القرية ) ، فيكون من مجاز الحذف، وهو علم ظاهر من أعلام النبوة على كلا التقديرين.

وفي حديث عبيد بن عمير في خبر نزول جبريل عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فجاءني وأنا نائم". فهذه حالة، وحديث عائشة وغيرها أنه كان في اليقظة، فهذه حالة ثانية، ولا تعارض لجواز الجمع بينهما بوقوعهما معا، ويكون الإتيان في النوم توطئة للإتيان في اليقظة. وقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: أول ما بدئ به عليه السلام من الوحي الرؤيا الصادقة. وعن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل به إسرافيل فكان يتراءى له ثلاث سنين، ويأتيه بالكلمة من الوحي، ثم وكل به جبريل فجاءه بالقرآن والوحي، فهذه حالة ثالثة لمجيء الوحي. ورابعة: وهي أن ينفث في روعه [ ص: 176 ] الكلام نفثا; كما قال عليه الصلاة والسلام: "إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ورزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" .

وخامسة وهي: أن يأتيه الوحي في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليه، وقيل: إن ذلك ليستجمع قلبه عند تلك الصلصلة فيكون أوعى لما يسمع. وسادسة: وهي: أن يكلمه الله من وراء حجاب إما في اليقظة كما في ليلة الإسراء، وإما في النوم كما في حديث معاذ "أتاني ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى". وكان الملك يأتيه عليه الصلاة والسلام تارة في صورته، له ستمائة جناح; كما روي. وتارة في صورة دحية الكلبي. فهذه حالات متعددة ذكر معناه السهيلي.

وقوله فغطني، ويروى فسأبني، ويروى سأتني، ويروى فدعتني، وكلها واحد، وهو الخنق والغم. والناموس: صاحب سر الملك.

وقال بعضهم: الناموس: صاحب سر الخير، والجاسوس: صاحب سر الشر.

ومؤزرا: من الأزر، وهو القوة والعون.

واليأفوخ: مهموز، ولا يقال في رأس الطفل يأفوخ حتى يشتد، وإنما يقال له: الغاذية.

وفترة الوحي لم يذكر لها ابن إسحاق مدة معينة، قال أبو القاسم السهيلي: وقد جاء في بعض الأحاديث المسندة أنها كانت سنتين ونصف سنة، والله أعلم. [ ص: 177 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية