الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المدرج .


213 - المدرج : الملحق آخر الخبر من قول راو ما بلا فصل ظهر      214 - نحو " إذا قلت التشهد " وصل
ذاك زهير وابن ثوبان فصل [ ص: 297 ]      215 - قلت : ومنه مدرج قبل قلب
كـ " أسبغوا الوضوء ويل للعقب "      216 - ومنه جمع ما أتى كل طرف منه
بإسناد بواحد سلف      217 - كوائل في صفة الصلاة قد
أدرج ثم جئتهم وما اتحد      218 - ومنه أن يدرج بعض المسند
في غيره مع اختلاف السند      219 - نحو " ولا تنافسوا " في متن
" لا تباغضوا " فمدرج قد نقلا      220 - من متن " لا تجسسوا " أدرجه
ابن أبي مريم إذ أخرجه      221 - ومنه متن عن جماعة ورد
وبعضهم خالف بعضا في السند      222 - فيجمع الكل بإسناد ذكر
كمتن ( أي الذنب أعظم ) الخبر      223 - فإن عمرا عند واصل فقط
بين شقيق وابن مسعود سقط      224 - وزاد الأعمش كذا منصور
وعمد الإدراج لها محظور

.

[ مدرج المتن وأمثلته ] لما انتهى مما هو قسيم المعل من حيثية الترجيح والتساوي كما قدمت ، وكان مما يعل به إدخال متن ونحوه في متن ، ناسب الإرداف بذلك ( المدرج ) ويقع في السند والمتن ، ولكل منها أقسام اقتصر ابن الصلاح في المتن على أحدها ، هو القول ( الملحق آخر الخبر ) المرفوع ( من قول راو ما ) من رواته ، إما الصحابي أو التابعي أو من بعده ( بلا فصل ظهر ) بين هذا الملحق بعزوه لقائله ، وبين كلام النبوة ; بحيث يتوهم أن الجميع مرفوع .

ثم قد يكون تفسير الغريب في الخبر ، وهو الأكثر ; كحديث النهي عن نكاح الشغار ، [ ص: 298 ] والنهي عن المحاقلة والمزابنة ونظائرها ، أو استنباطا مما فهمه منه أحد رواته ; كثاني حديثي ابن مسعود ، الآتيين في الطريق لمعرفة الإدراج ، أو كلاما مستقلا ، وربما يكون حديثا آخر ، كأسبغوا الوضوء ، والأمر في أولها سهل ; إذ الراوي أعرف بمعنى ما روى .

وقد يكون في المرفوع كما تقدم ، أو في الموقوف على الصحابي بإلحاق التابعي فمن بعده ، أو في المقطوع بإلحاق تابعي التابعي فمن بعده .

ولكن الأهم من ذلك ما اقتصر عليه ابن الصلاح ، وله أمثلة ( نحو ) قول ابن مسعود في آخر حديث القاسم بن مخيمرة عن علقمة بن قيس عنه في تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - له التشهد في الصلاة ( إذا قلت ) هذا ( التشهد ) فقد قضيت صلاتك ، إن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد ) .

فقد ( وصل ذاك ) بالمرفوع ( زهير ) هو ابن معاوية أبو خيثمة ، كما قاله جمهور أصحابه عنه ، في روايته له عن الحسن بن الحر عن القاسم بسنده المذكور ، ( وابن ثوبان ) هو عبد الرحمن بن ثابت أحد من رواه عن ابن الحر ( فصل ) الموقوف عن المرفوع بقوله : قال ابن مسعود ، بل [ ص: 299 ] رواه شبابة بن سوار - وهو ثقة - عن زهير نفسه أيضا كذلك .

ويتأيد باقتصار حسين الجعفي ، وابن عجلان ، ومحمد بن أبان في روايتهم عن ابن الحر ، بل وكل من روى التشهد عن علقمة وغيره عن ابن مسعود على المرفوع فقط ، ولذلك صرح غير واحد من الأئمة بعدم رفعه ، بل اتفقوا - كما قال النووي في الخلاصة على أنه مدرج .

ثم إنه لو صح رفعه ، لكان ظاهره معارضا لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " تحليلها التسليم " ، مع أن الخطابي جمع بينهما على تقدير التنزل في عدم الإدراج بأن قوله : فقد قضيت صلاتك أي : معظمها .

( قلت : ومنه ) أي : ومن المدرج مما هو من أقسام المتن أيضا ( مدرج قبل ) أي : قبل الآخر ، بأن يكون في أوله أو أثنائه ( قلب ) بالنسبة لما الإدراج في آخره ولكل منهما أمثلة ( كـ ) حديث ( أسبغوا ) بفتح الهمزة أي : أكملوا ( الوضوء ويل للعقب ) أي : مؤخر القدم ، وفي لفظ وهو الأكثر : للأعقاب من النار .

فإن شبابة بن سوار ، وأبا قطن عمرو بن الهيثم روياه عن شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة برفع الجملتين مع كون الأولى من كلام أبي هريرة ، كما فصله جمهور الرواة [ ص: 300 ] عن شعبة ، واتفق الشيخان على تخريجه كذلك من حديث بعضهم ، واقتصر بعضهم على المرفوع فقط ، فهو مثال لما الإدراج في أوله وهو نادر جدا ، حتى قال شيخنا : إنه لم يجد غيره إلا ما وقع في بعض طرق حديث بسرة الآتي .

ثم إن قول أبي هريرة : ( أسبغوا ) قد ثبت في الصحيح مرفوعا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .

وكحديث عائشة في بدء الوحي ; حيث أدرج فيه الزهري : " والتحنث : التعبد " .

وحديث فضالة بن عبيد رفعه : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة ; حيث أدرج فيه ابن وهب : " والزعيم : الحميل " .

وحديث هشام بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، عن بسرة ابنة صفوان مرفوعا : من مس ذكره أو أنثييه أو رفغه ، فليتوضأ ; فإن عبد الحميد بن جعفر رواه عن هشام ، وكذا أبو كامل الجحدري عن يزيد بن زريع ، عن أيوب السختياني ، عن هشام كذلك ، مع كون الأنثيين والرفغ إنما هو من قول عروة .

كما فصله حماد بن زيد وغيره عن هشام ، وهو الذي رواه جمهور أصحاب يزيد بن زريع عنه ، ثم جمهور أصحاب السختياني عنه ، [ ص: 301 ] واقتصر عشرون من حفاظ أصحاب هشام على المرفوع فقط ، وممن صرح بأن ذلك قول عروة ، الدارقطني والخطيب ، فهي أمثلة لما الإدراج في وسطه .

لكن قد روى آخرها الطبراني في الكبير من حديث محمد بن دينار الطاحي عن هشام ، فقدم المدرج ، ولفظه : من مس رفغه أو أنثييه أو ذكره وحينئذ فهو مع تكلف ، مثال للذي قبله أيضا ، كما أشير إليه قريبا .

ورواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن هشام بن حسان عن هشام بلفظ : إذا مس ذكره أو أنثييه فقط ، أخرجه ابن شاهين في الأبواب .

ورواه يزيد بن هارون عن هشام بن حسان بلفظ : إذا مس أحدكم ذكره ، أو قال : فرجه ، أو قال : أنثييه ، فتردده فيه - كما قال شيخنا - يدل على أنه ما ضبطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية