الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8372 ) فصل : ومن فعل شيئا من الفروع مختلفا فيه معتقدا إباحته ، لم ترد شهادته ، كالمتزوج بغير ولي ، أو بغير شهود ، وآكل متروك التسمية ، وشارب يسير النبيذ . نص عليه أحمد ، في شارب النبيذ ، يحد ، ولا ترد شهادته . وبهذا قال الشافعي .

                                                                                                                                            وقال مالك : ترد شهادته ; لأنه فعل ما يعتقد الحاكم تحريمه ، فأشبه المتفق على تحريمه . ولنا ، أن الصحابة رضي الله عنهم ، كانوا يختلفون في الفروع ، فلم يكن بعضهم يعيب من خالفه ، ولا يفسقه ، ولأنه نوع مختلف فيه ، فلم ترد شهادة فاعله ، كالذي يوافقه عليه الحاكم . وإن فعل ذلك معتقدا تحريمه ، ردت شهادته به إذا تكرر . وقال أصحاب الشافعي : لا ترد شهادته به ; لأنه فعل لا ترد به شهادة بعض الناس ، فلا ترد به شهادة البعض الآخر ، كالمتفق على حله . ولنا ، أنه فعل يحرم على فاعله ، ويأثم به ، فأشبه المجمع على تحريمه ، وبهذا فارق معتقد حله . وقد روي عن أحمد ، في من يجب عليه الحج فلا يحج : ترد شهادته .

                                                                                                                                            وهذا يحمل على من اعتقد وجوبه على الفور . فأما من يعتقد أنه على التراخي ، ويتركه بنية فعله ، فلا ترد شهادته ، كسائر ما ذكرنا . ويحتمل أن ترد شهادته مطلقا [ ص: 180 ] لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من قدر على الحج فلم يحج ، فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا } . وقال عمر : لقد هممت أن أنظر في الناس ، فمن وجدته يقدر على الحج ولا يحج ، ضربت عليه الجزية ، ثم قال : ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية