الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كنن

                                                          كنن : الكن والكنة والكنان : وقاء كل شيء وستره . والكن : البيت أيضا ، والجمع أكنان وأكنة ، قال سيبويه : ولم يكسروه على فعل كراهية التضعيف . وفي التنزيل العزيز : وجعل لكم من الجبال أكنانا وفي حديث الاستسقاء : فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك ؛ الكن : ما يرد الحر والبرد من الأبنية والمساكن ، وقد كننته أكنه كنا . وفي الحديث : على ما استكن أي استتر . والكن : كل شيء وقى شيئا فهو كنه وكنانه ، والفعل من ذلك كننت الشيء أي جعلته في كن . وكن الشيء يكنه كنا وكنونا وأكنه وكننه : ستره ؛ قال الأعلم :


                                                          أيسخط غزونا رجل سمين تكننه الستارة والكنيف ؟



                                                          والاسم الكن ، وكن الشيء في صدره يكنه كنا وأكنه واكتنه كذلك ؛ وقال رؤبة :


                                                          إذا البخيل أمر الخنوسا     شيطانه وأكثر التهويسا
                                                          في صدره ، واكتن أن يخيسا



                                                          وكن أمره عنه كنا : أخفاه . واستكن الشيء : استتر ؛ قالت الخنساء :


                                                          ولم يتنور ناره الضيف موهنا     إلى علم لا يستكن من السفر



                                                          وقال بعضهم : أكن الشيء : ستره . وفي التنزيل العزيز : أو أكننتم في أنفسكم أي أخفيتم . قال ابن بري : وقد جاء كننت في الأمرين جميعا ؛ قال المعيطي :


                                                          قد يكتم الناس أسرارا فأعلمها     وما ينالون حتى الموت مكنوني



                                                          قال الفراء : للعرب في أكننت الشيء إذا سترته لغتان : كننته وأكننته بمعنى ؛ وأنشدوني :


                                                          ثلاث من ثلاث قداميات     من اللائي تكن من الصقيع



                                                          وبعضهم يرويه : تكن من أكننت . وكننت الشيء : سترته وصنته من الشمس . وأكننته في نفسي : أسررته . وقال أبو زيد : كننته وأكننته بمعنى في الكن وفي النفس جميعا ، تقول : كننت العلم وأكننته ، فهو مكنون ومكن . وكننت الجارية وأكننتها ، فهي مكنونة ومكنة ؛ قال الله تعالى : كأنهن بيض مكنون أي : مستور من الشمس وغيرها . والأكنة : الأغطية ؛ قال الله تعالى : وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه والواحد كنان ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :


                                                          هاج ذا القلب منزل دارس العهد محول     أينا بات ليلة بين غصنين يوبل
                                                          تحت عين كناننا ظل برد مرحل



                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده :


                                                          برد عصب مرحل



                                                          قال : وأنشده ابن دريد :

                                                          تحت ظل كناننا فضل برد يهلل

                                                          واكتن واستكن : استتر . والمستكنة : الحقد ؛ قال زهير :

                                                          وكان طوى كشحا على مستكنة فلا هو أبداها ولم يتجمجم

                                                          وكنه يكنه : صانه . وفي التنزيل العزيز : كأنهن بيض مكنون وأما قوله : لؤلؤ مكنون وبيض مكنون ، فكأنه مذهب للشيء يصان ، وإحداهما قريبة من الأخرى . ابن الأعرابي : كننت الشيء أكنه وأكننته أكنه ، وقال غيره : أكننت الشيء إذا سترته ، وكننته إذا صنته . أبو عبيد عن أبي زيد : كننت الشيء وأكننته في الكن وفي النفس مثلها . وتكنى : لزم الكن . وقال رجل من المسلمين : رأيت علجا يوم القادسية قد تكنى وتحجى فقتلته ؛ تحجى أي زمزم . والأكنان : الغيران ونحوها يستكن فيها ، واحدها كن وتجمع أكنة ؛ وقيل : كنان وأكنة . واستكن الرجل واكتن : صار في كن . واكتنت المرأة : غطت وجهها وسترته حياء من الناس . أبو عمرو : الكنة والسدة كالصفة تكون بين يدي البيت ، والظلة تكون بباب [ ص: 123 ] الدار . وقال الأصمعي : الكنة هي الشيء يخرجه الرجل من حائطه كالجناح ونحوه . ابن سيده : والكنة ، بالضم ، جناح تخرجه من الحائط ، وقيل : هي السقيفة تشرع فوق باب الدار ، وقيل : الظلة تكون هنالك ، وقيل : هو مخدع أو رف يشرع في البيت ، والجمع كنان وكنات . والكنانة : جعبة السهام تتخذ من جلود لا خشب فيها أو من خشب لا جلود فيها . الليث : الكنانة كالجعبة غير أنها صغيرة تتخذ للنبل . ابن دريد : كنانة النبل إذا كانت من أدم ، فإن كانت من خشب فهو جفير . الصحاح : الكنانة التي تجعل فيها السهام . والكنة ، بالفتح : امرأة الابن أو الأخ ، والجمع كنائن ، نادر كأنهم توهموا فيه فعيلة ونحوها مما يكسر على فعائل . التهذيب : كل فعلة أو فعلة أو فعلة من باب التضعيف فإنها تجمع على فعائل ؛ لأن الفعلة إذا كانت نعتا صارت بين الفاعلة والفعيل والتصريف يضم فعلا إلى فعيل ، كقولك جلد وجليد وصلب وصليب ، فردوا المؤنث من هذا النعت إلى ذلك الأصل ؛ وأنشد :


                                                          يقلن كنا مرة شبائبا



                                                          قصر شابة فجعلها شبة ثم جمعها على الشبائب ، ويقال : هي حنته وكنته وفراشه وإزاره ونهضته ولحافه كله واحد . وقال الزبرقان بن بدر : أبغض كنائني إلي الطلعة الخبأة ، ويروى الطلعة القبعة ، يعني التي تطلع ثم تدخل رأسها في الكنة . وفي حديث أبي أنه قال لعمر والعباس وقد استأذنا عليه : إن كنتكما كانت ترجلني ؛ الكنة : امرأة الابن وامرأة الأخ ، أراد امرأته فسماها كنتهما لأنه أخوهما في الإسلام ؛ ومنه حديث ابن العاص : فجاء يتعاهد كنته أي امرأة ابنه . والكنة والاكتنان : البياض . والكانون : الثقيل الوخم . ابن الأعرابي : الكانون الثقيل من الناس ؛ وأنشد للحطيئة :

                                                          أغربالا إذا استودعت سرا وكانونا على المتحدثينا ؟

                                                          أبو عمرو : الكوانين الثقلاء من الناس . قال ابن بري : وقيل الكانون الذي يجلس حتى يتحصى الأخبار والأحاديث لينقلها ؛ قال أبو دهبل :

                                                          وقد قطع الواشون بيني وبينها ونحن إلى أن يوصل الحبل أحوج فليت كوانينا من أهلي وأهلها بأجمعهم في لجة البحر لججوا

                                                          الجوهري : والكانون والكانونة الموقد ، والكانون المصطلى . والكانونان : شهران في قلب الشتاء ، رومية : كانون الأول ، وكانون الآخر ؛ هكذا يسميهما أهل الروم . قال أبو منصور : وهذان الشهران عند العرب هما الهراران والهباران ، وهما شهرا قماح وقماح . وبنو كنة : بطن من العرب نسبوا إلى أمهم ، وقاله الجوهري بفتح الكاف . قال ابن بري : قال ابن دريد بنو كنة ، بضم الكاف ، قال : وكذا قال أبو زكريا ؛ وأنشد :

                                                          غزال ما رأيت اليو م في دار بني كنه رخيم يصرع الأسد على ضعف من المنه

                                                          ابن الأعرابي : كنكن إذا هرب . وكنانة : قبيلة من مضر ، وهو كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر . وبنو كنانة أيضا : من تغلب ابن وائل ، وهم بنو عكب يقال لهم قريش تغلب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية