الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ( 57 ) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ( 58 ) )

                                                                                                                                                                                                    يقول تعالى ممتنا على خلقه بما أنزل إليهم من القرآن العظيم على رسوله الكريم : ( ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ) أي : زاجر عن الفواحش ، ( وشفاء لما في الصدور ) أي : من الشبه والشكوك ، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس ، ( وهدى ورحمة ) أي : محصل لها الهداية والرحمة من الله تعالى . وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه ، كما قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) [ الإسراء : 82 ] ، وقال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) [ فصلت : 44 ] . [ ص: 275 ]

                                                                                                                                                                                                    وقوله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) أي : بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا ، فإنه أولى ما يفرحون به ، ( هو خير مما يجمعون ) أي : من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة ، كما قال ابن أبي حاتم ، في تفسير هذه الآية : " وذكر عن بقية - يعني ابن الوليد - عن صفوان بن عمرو ، سمعت أيفع بن عبد الكلاعي يقول : لما قدم خراج العراق إلى عمر ، رضي الله عنه ، خرج عمر ومولى له فجعل عمر يعد الإبل ، فإذا هي أكثر من ذلك ، فجعل عمر يقول : الحمد لله تعالى ، ويقول مولاه : هذا والله من فضل الله ورحمته . فقال عمر : كذبت . ليس هذا ، هو الذي يقول الله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) وهذا مما يجمعون .

                                                                                                                                                                                                    وقد أسنده الحافظ أبو القاسم الطبراني ، فرواه عن أبي زرعة الدمشقي ، عن حيوة بن شريح ، عن بقية ، فذكره .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية