nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116nindex.php?page=treesubj&link=28976_31989_31983وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وإذ قال الله عطف على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=110إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك ، فهو ما يقوله الله يوم يجمع الرسل وليس مما قاله في الدنيا ، لأن عبادة
عيسى حدثت بعد رفعه ، ولقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم . فقد أجمع المفسرون على أن المراد به يوم القيامة . وأن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس قول يقوله يوم القيامة . وهذا مبدأ تقريع النصارى بعد أن فرغ من تقريع اليهود من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=110إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك إلى هنا . وتقريع النصارى هو المقصود من هذه الآيات كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=109يوم يجمع الله الرسل الآية ، فالاستفهام هنا كالاستفهام في قوله تعالى للرسل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=109ماذا أجبتم والله يعلم أن عيسى لم يقل ذلك ولكن أريد إعلان كذب من كفر من النصارى .
[ ص: 113 ] وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116أأنت قلت للناس يدل على أن الاستفهام متوجه إلى تخصيصه بالخبر دون غيره مع أن الخبر حاصل لا محالة . فقول قائلين : اتخذوا
عيسى وأمه إلهين ، واقع . وإنما ألقي الاستفهام
لعيسى أهو الذي قال لهم ذلك تعريضا بالإرهاب والوعيد بتوجه عقوبة إلى من قال هذا القول إن تنصل منه
عيسى فيعلم أحبارهم الذين اخترعوا هذا القول أنهم المراد بذلك .
والمعنى أنه إن لم يكن هو قائل ذلك فلا عذر لمن قاله لأنهم زعموا أنهم يتبعون أقوال
عيسى وتعاليمه ، فلو كان هو القائل لقال : اتخذوني وأمي ، ولذلك جاء التعبير بهذين اللفظين في الآية .
والمراد بالناس أهل دينه .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116من دون الله متعلق بـ اتخذوني ، وحرف ( من ) صلة وتوكيد .
وكلمة دون اسم للمكان المجاوز ، ويكثر أن يكون مكانا مجازيا مرادا به المغايرة ، فتكون بمعنى سوى . وانظر ما تقدم آنفا عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=76قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا . والمعنى اتخذوني وأمي إلهين سوى الله .
وقد شاع هذا في استعمال القرآن قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ، وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، وغير ذلك من الآيات التي خوطب بها المشركون مع أنهم أشركوا مع الله غيره ولم ينكروا إلهية الله .
وذكر هذا المتعلق إلزاما لهم بشناعة إثبات إلهية لغير الله لأن النصارى لما ادعوا حلول الله في ذات
عيسى توزعت الإلهية وبطلت الوحدانية . وقد تقدم بيان هذا المذهب عند تفسير قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم في هذه السورة .
وجواب
عيسى عليه السلام بقوله سبحانك تنزيه لله تعالى عن مضمون
[ ص: 114 ] تلك المقالة . وكانت المبادرة بتنزيه الله تعالى أهم من تبرئته نفسه ، على أنها مقدمة للتبري لأنه إذا كان ينزه الله عن ذلك فلا جرم أنه لا يأمر به أحدا . وتقدم الكلام على ( سبحانك ) في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32قالوا سبحانك لا علم لنا في سورة البقرة .
وبرأ نفسه فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ; فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ما يكون لي أن أقول مستأنفة لأنها جواب السؤال . وجملة سبحانك تمهيد .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ما يكون لي مبالغة في التبرئة من ذلك ، أي ما يوجد لدي قول ما ليس لي بحق فاللام في قوله ما يكون لي للاستحقاق ، أي ما يوجد حق أن أقول . وذلك أبلغ من لم أقله لأنه نفى أن يوجد استحقاقه ذلك القول .
والباء في قوله ( بحق ) زائدة في خبر ليس لتأكيد النفي الذي دلت عليه ليس . واللام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ليس لي بحق متعلقة بلفظ ( حق ) على رأي المحققين من النحاة أنه يجوز تقديم المتعلق على متعلقه المجرور بحرف الجر . وقدم الجار والمجرور للتنصيص على أنه ظرف لغو متعلق بـ ( حق ) لئلا يتوهم أنه ظرف مستقر صفة لـ ( حق ) حتى يفهم منه أنه نفى كون ذلك حقا له ولكنه حق لغيره الذين قالوه وكفروا به ، وللمبادرة بما يدل على تنصله من ذلك بأنه ليس له . وقد أفاد الكلام تأكيد كون ذلك ليس حقا له بطريق المذهب الكلامي لأنه نفى أن يباح له أن يقول ما لا يحق له ، فعلم أن ذلك ليس حقا له وأنه لم يقله لأجل كونه كذلك . فهذا تأكيد في غاية البلاغة والتفنن .
ثم ارتقى في التبرئ فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إن كنت قلته فقد علمته ، فالجملة مستأنفة لأنها دليل وحجة لمضمون الجملة التي قبلها ، فكانت كالبيان فلذلك فصلت . والضمير المنصوب في قلته عائد إلى الكلام المتقدم . ونصب القول للمفرد إذا كان في معنى الجملة شائع كقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كلا إنها كلمة هو قائلها ) ، فاستدل على انتفاء أن يقوله بأن الله يعلم أنه لم يقله ، وذلك لأنه يتحقق أنه لم يقله ، فلذلك أحال على علم الله تعالى . وهذا كقول العرب : يعلم الله أني لم أفعل ، كما قال
الحارث بن عباد :
لم أكن من جناتها علم الله وأني لحرها اليوم صال
[ ص: 115 ] ولذلك قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي ، فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي بيان لجملة الشرط
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إن كنت قلته فقد علمته فلذلك فصلت .
والنفس تطلق على العقل وعلى ما به الإنسان ، إنسان وهي الروح الإنساني ، وتطلق على الذات . والمعنى هنا : تعلم ما أعتقده ، أي تعلم ما أعلمه لأن النفس مقر العلوم في المتعارف .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ولا أعلم ما في نفسك اعتراض نشأ عن
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي لقصد الجمع بين الأمرين في الوقت الواحد وفي كل حال . وذلك مبالغة في التنزيه وليس له أثر في التبرئ والتنصل ، فلذلك تكون الواو اعتراضية .
وإضافة النفس إلى اسم الجلالة هنا بمعنى العلم الذي لم يطلع عليه غيره ، أي ولا أعلم ما تعلمه ، أي مما انفردت بعلمه . وقد حسنه هنا المشاكلة كما أشار إليه في الكشاف .
وفي جواز إطلاق النفس على ذات الله تعالى بدون مشاكلة خلاف; فمن العلماء من منع ذلك . وإليه ذهب
السعد والسيد وعبد الحكيم في شروح المفتاح والتلخيص . وهؤلاء يجعلون ما ورد من ذلك في الكتاب نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28ويحذركم الله نفسه من قبيل المتشابه . ومن العلماء من جوز ذلك مثل
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين كما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة في التفسير عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة في سورة الأنعام ، ويشهد له تكرر استعماله في القرآن وكلام النبيء صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341135فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إنك أنت علام الغيوب علة لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي ولذلك جيء بـ ( إن ) المفيدة التعليل . وقد جمع فيه أربع مؤكدات وطريقة حصر ، فضمير الفصل أفاد الحصر ، وإن ، وصيغة الحصر ، وجمع الغيوب ، وأداة الاستغراب .
وبعد أن تبرأ من أن يكون أمر أمته بما اختلقوه انتقل فبين أنه أمرهم بعكس ذلك حسبما أمره الله تعالى فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ، فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117ما قلت لهم ارتقاء في الجواب ، فهو استئناف بمنزلة الجواب الأول وهو ما يكون لي أن أقول إلخ . . . صرح هنا بما قاله لأن الاستفهام عن مقاله . والمعنى : ما تجاوزت
[ ص: 116 ] فيما قلت حد التبليغ لما أمرتني به ، فالموصول وصلته هو مقول ما قلت لهم وهو مفرد دال على جمل ، فلذلك صح وقوعه منصوبا بفعل القول .
و ( أن ) مفسرة ( أمرتني ) لأن الأمر فيه معنى القول دون حروفه وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117اعبدوا الله ربي وربكم تفسيرية لـ ( أمرتني ) . واختير ( أمرتني ) على ( قلت لي ) مبالغة في الأدب . ولما كان أمرتني متضمنا معنى القول كانت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117اعبدوا الله ربي وربكم هي المأمور بأن يبلغه لهم فالله قال له : قل لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117اعبدوا الله ربي وربكم . فعلى هذا يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117ربي وربكم من مقول الله تعالى لأنه أمره بأن يقول هذه العبارة ولكن لما عبر عن ذلك بفعل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117أمرتني به صح تفسيره بحرف ( أن ) التفسيرية فالذي قاله
عيسى هو عين اللفظ الذي أمره الله بأن يقوله . فلا حاجة إلى ما تكلف به في الكشاف على أن صاحب الانتصاف جوز وجها آخر وهو أن يكون التفسير جرى على حكاية القول المأمور به بالمعنى ، فيكون الله تعالى قال له : قل لهم أن يعبدوا ربك وربهم . فلما حكاه
عيسى قال : اعبدوا الله ربي وربكم اهـ . وهذا التوجيه هو الشائع بين أهل العلم حتى جعلوا الآية مثالا لحكاية القول بالمعنى . وأقول : هو استعمال فصيح . قال
ابن عطية في تفسير قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم في سورة الأنعام إذا أخبرت أنك قلت لغائب أو قيل له أو أمرت أن يقال له : فلك في فصيح كلام العرب أن تحكي الألفاظ المقولة بعينها ، فتجيء بلفظ المخاطبة ، ولك أن تأتي بالمعنى في الألفاظ بذكر غائب دون مخاطبة اهـ . وعندي أنه ضعيف في هذه الآية .
ثم تبرأ من تبعتهم فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم أي كنت مشاهدا لهم ورقيبا يمنعهم من أن يقولوا مثل هذه المقالة الشنعاء .
و ما دمت ( ما ) فيه ظرفية مصدرية ، و ( دام ) تامة لا تطلب منصوبا ، و ( فيهم ) متعلق بـ ( دمت ) ، أي بينهم ، وليس خبرا لـ ( دام ) على الأظهر ، لأن ( دام ) التي تطلب خبرا هي التي يراد منها الاستمرار على فعل معين هو مضمون خبرها ، أما هي هنا فهي بمعنى البقاء ، أي ما بقيت فيهم ، أي ما بقيت في الدنيا .
[ ص: 117 ] ولذلك فرع عنه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ، أي فلما قضيت بوفاتي ، لأن مباشر الوفاة هو ملك الموت . والوفاة الموت ، وتوفاه الله أماته ، أي قضى به وتوفاه ملك الموت قبض روحه وأماته .
وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى إني متوفيك في سورة آل عمران .
والمعنى : أنك لما توفيتني قد صارت الوفاة حائلا بيني وبينهم فلم يكن لي أن أنكر عليهم ضلالهم ، ولذلك قال
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117كنت أنت الرقيب عليهم ، فجاء بضمير الفصل الدال على القصر ، أي كنت أنت الرقيب لا أنا إذ لم يبق بيني وبين الدنيا اتصال . والمعنى أنك تعلم أمرهم وترسل إليهم من يهديهم متى شئت . وقد أرسل إليهم
محمدا صلى الله عليه وسلم وهداهم بكل وجوه الاهتداء . وأقصى وجوه الاهتداء إبلاغهم ما سيكون في شأنهم يوم القيامة .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117وأنت على كل شيء شهيد تذييل ، والواو اعتراضية إذ ليس معطوفا على ما تقدم لئلا يكون في حكم جواب ( لما ) .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فوض أمرهم إلى الله فهو أعلم بما يجازيهم به لأن المقام مقام إمساك عن إبداء رغبة لشدة هول ذلك اليوم ، وغاية ما عرض به
عيسى أنه جوز المغفرة لهم رحمة منه بهم .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118فإنك أنت العزيز الحكيم ذكر العزيز كناية عن كونه يغفر عن مقدرة ، وذكر الحكيم لمناسبته للتفويض ، أي المحكم للأمور العالم بما يليق بهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116nindex.php?page=treesubj&link=28976_31989_31983وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنُ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَإِذْ قَالَ اللَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=110إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ ، فَهُوَ مَا يَقُولُهُ اللَّهُ يَوْمَ يَجْمَعُ الرُّسُلَ وَلَيْسَ مِمَّا قَالَهُ فِي الدُّنْيَا ، لِأَنَّ عِبَادَةَ
عِيسَى حَدَثَتْ بَعْدَ رَفْعِهِ ، وَلِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=119هَذَا يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ . فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَأَنَّ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ قَوْلٌ يَقُولُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَهَذَا مَبْدَأُ تَقْرِيعِ النَّصَارَى بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ تَقْرِيعِ الْيَهُودِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=110إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ إِلَى هُنَا . وَتَقْرِيعُ النَّصَارَى هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=109يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ الْآيَةَ ، فَالِاسْتِفْهَامُ هُنَا كَالِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِلرُّسُلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=109مَاذَا أُجِبْتُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ عِيسَى لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ أُرِيدَ إِعْلَانُ كَذِبِ مَنْ كَفَرَ مِنَ النَّصَارَى .
[ ص: 113 ] وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى تَخْصِيصِهِ بِالْخَبَرِ دُونَ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْخَبَرَ حَاصِلٌ لَا مَحَالَةَ . فَقَوْلُ قَائِلِينَ : اتَّخِذُوا
عِيسَى وَأُمَّهُ إِلَهَيْنِ ، وَاقِعٌ . وَإِنَّمَا أُلْقِيَ الِاسْتِفْهَامُ
لِعِيسَى أَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ تَعْرِيضًا بِالْإِرْهَابِ وَالْوَعِيدِ بِتَوَجُّهِ عُقُوبَةٍ إِلَى مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ إِنْ تَنَصَّلَ مِنْهُ
عِيسَى فَيَعْلَمُ أَحْبَارُهُمُ الَّذِينَ اخْتَرَعُوا هَذَا الْقَوْلَ أَنَّهُمُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ .
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ قَائِلُ ذَلِكَ فَلَا عُذْرَ لِمَنْ قَالَهُ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ أَقْوَالَ
عِيسَى وَتَعَالِيمَهُ ، فَلَوْ كَانَ هُوَ الْقَائِلُ لَقَالَ : اتَّخِذُونِي وَأُمِّي ، وَلِذَلِكَ جَاءَ التَّعْبِيرُ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْآيَةِ .
وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ أَهْلُ دِينِهِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116مِنْ دُونِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِـ اتَّخِذُونِي ، وَحَرْفُ ( مِنْ ) صِلَةٌ وَتَوْكِيدٌ .
وَكَلِمَةُ دُونَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُجَاوِزِ ، وَيَكْثُرُ أَنْ يَكُونَ مَكَانًا مَجَازِيًّا مُرَادًا بِهِ الْمُغَايَرَةُ ، فَتَكُونُ بِمَعْنَى سِوَى . وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=76قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا . وَالْمَعْنَى اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ سِوَى اللَّهِ .
وَقَدْ شَاعَ هَذَا فِي اسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي خُوطِبَ بِهَا الْمُشْرِكُونَ مَعَ أَنَّهُمْ أَشْرَكُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ وَلَمْ يُنْكِرُوا إِلَهِيَّةَ اللَّهِ .
وَذَكَرَ هَذَا الْمُتَعَلِّقَ إِلْزَامًا لَهُمْ بِشَنَاعَةِ إِثْبَاتِ إِلَهِيَّةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ لِأَنَّ النَّصَارَى لَمَّا ادَّعَوْا حُلُولَ اللَّهِ فِي ذَاتِ
عِيسَى تَوَزَّعَتِ الْإِلَهِيَّةُ وَبَطُلَتِ الْوَحْدَانِيَّةُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا الْمَذْهَبِ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .
وَجَوَابُ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَكَ تَنْزِيهٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ مَضْمُونِ
[ ص: 114 ] تِلْكَ الْمَقَالَةِ . وَكَانَتِ الْمُبَادَرَةُ بِتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى أَهَمَّ مِنْ تَبْرِئَتِهِ نَفْسَهُ ، عَلَى أَنَّهَا مُقَدِّمَةٌ لِلتَّبَرِّي لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يُنَزِّهُ اللَّهَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدًا . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ( سُبْحَانِكَ ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَبَرَّأَ نَفْسَهُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ; فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مُسْتَأْنَفَةٌ لِأَنَّهَا جَوَابُ السُّؤَالِ . وَجُمْلَةُ سُبْحَانِكَ تَمْهِيدٌ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116مَا يَكُونُ لِي مُبَالَغَةٌ فِي التَّبْرِئَةِ مِنْ ذَلِكَ ، أَيْ مَا يُوجَدُ لَدَيَّ قَوْلُ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ مَا يَكُونُ لِي لِلِاسْتِحْقَاقِ ، أَيْ مَا يُوجَدُ حَقٌّ أَنْ أَقُولَ . وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ لَمْ أَقُلْهُ لِأَنَّهُ نَفَى أَنْ يُوجَدَ اسْتِحْقَاقُهُ ذَلِكَ الْقَوْلَ .
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ ( بِحَقٍّ ) زَائِدَةٌ فِي خَبَرِ لَيْسَ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ لَيْسَ . وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116لَيْسَ لِي بِحَقٍّ مُتَعَلِّقَةٌ بِلَفْظِ ( حَقٍّ ) عَلَى رَأْيِ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ النُّحَاةِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُتَعَلِّقِ عَلَى مُتَعَلَّقِهِ الْمَجْرُورِ بِحَرْفِ الْجَرِّ . وَقُدِّمَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِـ ( حَقٍّ ) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ صِفَةً لِـ ( حَقٍّ ) حَتَّى يُفْهَمَ مِنْهُ أَنَّهُ نَفَى كَوْنَ ذَلِكَ حَقًّا لَهُ وَلَكِنَّهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ الَّذِينَ قَالُوهُ وَكَفَرُوا بِهِ ، وَلِلْمُبَادَرَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَنَصُّلِهِ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ . وَقَدْ أَفَادَ الْكَلَامُ تَأْكِيدَ كَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ حَقًّا لَهُ بِطَرِيقِ الْمَذْهَبِ الْكَلَامِيِّ لِأَنَّهُ نَفَى أَنْ يُبَاحَ لَهُ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَحِقُّ لَهُ ، فَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حَقًّا لَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ لِأَجْلِ كَوْنِهِ كَذَلِكَ . فَهَذَا تَأْكِيدٌ فِي غَايَةِ الْبَلَاغَةِ وَالتَّفَنُّنِ .
ثُمَّ ارْتَقَى فِي التَّبَرُّئِ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ، فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِأَنَّهَا دَلِيلٌ وَحُجَّةٌ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، فَكَانَتْ كَالْبَيَانِ فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ . وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي قُلْتُهُ عَائِدٌ إِلَى الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ . وَنَصْبُ الْقَوْلِ لِلْمُفْرَدِ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى الْجُمْلَةِ شَائِعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) ، فَاسْتَدَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ أَنْ يَقُولَهُ بِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ ، فَلِذَلِكَ أَحَالَ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى . وَهَذَا كَقَوْلِ الْعَرَبِ : يَعْلَمُ اللَّهُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ ، كَمَا قَالَ
الْحَارِثُ بْنُ عَبَّادٍ :
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا عَلِمَ اللَّهُ وَأَنِّي لِحَرِّهَا الْيَوْمَ صَالِ
[ ص: 115 ] وَلِذَلِكَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ، فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي بَيَانٌ لِجُمْلَةِ الشَّرْطِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ .
وَالنَّفْسُ تُطْلَقُ عَلَى الْعَقْلِ وَعَلَى مَا بِهِ الْإِنْسَانُ ، إِنْسَانٌ وَهِيَ الرُّوحُ الْإِنْسَانِيُّ ، وَتُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ . وَالْمَعْنَى هُنَا : تَعْلَمُ مَا أَعْتَقِدُهُ ، أَيْ تَعْلَمُ مَا أَعْلَمُهُ لِأَنَّ النَّفْسَ مَقَرُّ الْعُلُومِ فِي الْمُتَعَارَفِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ اعْتِرَاضٌ نَشَأَ عَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي لِقَصْدِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ وَفِي كُلِّ حَالٍ . وَذَلِكَ مُبَالَغَةٌ فِي التَّنْزِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي التَّبَرُّئِ وَالتَّنَصُّلِ ، فَلِذَلِكَ تَكُونُ الْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةً .
وَإِضَافَةُ النَّفْسِ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ هَنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ الَّذِي لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ ، أَيْ وَلَا أَعْلَمُ مَا تَعْلَمُهُ ، أَيْ مِمَّا انْفَرَدْتَ بِعِلْمِهِ . وَقَدْ حَسَّنَهُ هُنَا الْمُشَاكَلَةُ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْكَشَّافِ .
وَفِي جَوَازِ إِطْلَاقِ النَّفْسِ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بِدُونِ مُشَاكَلَةٍ خِلَافٌ; فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ . وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
السَّعْدُ وَالسَّيِّدُ وَعَبْدُ الْحَكِيمِ فِي شُرُوحِ الْمِفْتَاحِ وَالتَّلْخِيصِ . وَهَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَشَابِهِ . وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ مِثْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّفْسِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَيَشْهَدُ لَهُ تَكَرُّرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامُ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341135فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلِذَلِكَ جِيءَ بِـ ( إِنَّ ) الْمُفِيدَةِ التَّعْلِيلِ . وَقَدْ جُمِعَ فِيهِ أَرْبَعُ مُؤَكِّدَاتٍ وَطَرِيقَةُ حَصْرٍ ، فَضَمِيرُ الْفَصْلِ أَفَادَ الْحَصْرَ ، وَإِنَّ ، وَصِيغَةُ الْحَصْرِ ، وَجَمْعُ الْغُيُوبِ ، وَأَدَاةُ الِاسْتِغْرَابِ .
وَبَعْدَ أَنْ تَبَرَّأَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِمَا اخْتَلَقُوهُ انْتَقَلَ فَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِعَكْسِ ذَلِكَ حَسْبَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ، فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117مَا قُلْتُ لَهُمْ ارْتِقَاءٌ فِي الْجَوَابِ ، فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ بِمَنْزِلَةِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ إِلَخْ . . . صَرَّحَ هُنَا بِمَا قَالَهُ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ مَقَالِهِ . وَالْمَعْنَى : مَا تَجَاوَزْتُ
[ ص: 116 ] فِيمَا قُلْتُ حَدَّ التَّبْلِيغِ لِمَا أَمَرْتَنِي بِهِ ، فَالْمَوْصُولُ وَصِلَتُهُ هُوَ مَقُولُ مَا قُلْتُ لَهُمْ وَهُوَ مُفْرَدٌ دَالٌّ عَلَى جُمَلٍ ، فَلِذَلِكَ صَحَّ وُقُوعُهُ مَنْصُوبًا بِفِعْلِ الْقَوْلِ .
وَ ( أَنْ ) مُفَسِّرَةُ ( أَمَرْتَنِي ) لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ تَفْسِيرِيَّةٌ لِـ ( أَمَرْتَنِي ) . وَاخْتِيرَ ( أَمَرْتَنِي ) عَلَى ( قُلْتُ لِي ) مُبَالَغَةً فِي الْأَدَبِ . وَلَمَّا كَانَ أَمَرْتَنِي مُتَضَمِّنًا مَعْنَى الْقَوْلِ كَانَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ هِيَ الْمَأْمُورُ بِأَنْ يُبَلِّغَهُ لَهُمْ فَاللَّهُ قَالَ لَهُ : قُلْ لَهُمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ . فَعَلَى هَذَا يَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117رَبِّي وَرَبَّكُمْ مِنْ مَقُولِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَلَكِنْ لَمَّا عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِفِعْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117أَمَرْتَنِي بِهِ صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِحَرْفِ ( أَنْ ) التَّفْسِيرِيَّةِ فَالَّذِي قَالَهُ
عِيسَى هُوَ عَيْنُ اللَّفْظِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِأَنْ يَقُولَهُ . فَلَا حَاجَةَ إِلَى مَا تَكَلَّفَ بِهِ فِي الْكَشَّافُ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الِانْتِصَافِ جَوَّزَ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ جَرَى عَلَى حِكَايَةِ الْقَوْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِالْمَعْنَى ، فَيَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ لَهُ : قُلْ لَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا رَبَّكَ وَرَبَّهُمْ . فَلَمَّا حَكَاهُ
عِيسَى قَالَ : اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمُ اهـ . وَهَذَا التَّوْجِيهُ هُوَ الشَّائِعُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى جَعَلُوا الْآيَةَ مِثَالًا لِحِكَايَةِ الْقَوْلِ بِالْمَعْنَى . وَأَقُولُ : هُوَ اسْتِعْمَالٌ فَصِيحٌ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إِذَا أَخْبَرْتَ أَنَّكَ قُلْتَ لِغَائِبٍ أَوْ قِيلَ لَهُ أَوْ أَمَرْتَ أَنْ يُقَالَ لَهُ : فَلَكَ فِي فَصِيحِ كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ تَحْكِي الْأَلْفَاظَ الْمَقُولَةَ بِعَيْنِهَا ، فَتَجِيءُ بِلَفْظِ الْمُخَاطَبَةِ ، وَلَكَ أَنْ تَأْتِيَ بِالْمَعْنَى فِي الْأَلْفَاظِ بِذِكْرِ غَائِبٍ دُونَ مُخَاطَبَةٍ اهـ . وَعِنْدِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ .
ثُمَّ تَبَرَّأَ مِنْ تَبِعَتِهِمْ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ أَيْ كُنْتُ مُشَاهِدًا لَهُمْ وَرَقِيبًا يَمْنَعُهُمْ مِنْ أَنْ يَقُولُوا مِثْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ الشَّنْعَاءِ .
وَ مَا دُمْتُ ( مَا ) فِيهِ ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ ، وَ ( دَامَ ) تَامَّةٌ لَا تَطْلُبُ مَنْصُوبًا ، وَ ( فِيهِمْ ) مُتَعَلِّقٌ بِـ ( دُمْتُ ) ، أَيْ بَيْنَهُمْ ، وَلَيْسَ خَبَرًا لِـ ( دَامَ ) عَلَى الْأَظْهَرِ ، لِأَنَّ ( دَامَ ) الَّتِي تَطْلُبُ خَبَرًا هِيَ الَّتِي يُرَادُ مِنْهَا الِاسْتِمْرَارُ عَلَى فِعْلٍ مُعَيَّنٍ هُوَ مَضْمُونُ خَبَرِهَا ، أَمَّا هِيَ هُنَا فَهِيَ بِمَعْنَى الْبَقَاءِ ، أَيْ مَا بَقِيتُ فِيهِمْ ، أَيْ مَا بَقِيتُ فِي الدُّنْيَا .
[ ص: 117 ] وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَنْهُ قَوْلَهَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ، أَيْ فَلَمَّا قَضَيْتَ بِوَفَاتِي ، لِأَنَّ مُبَاشِرَ الْوَفَاةِ هُوَ مَلَكُ الْمَوْتِ . وَالْوَفَاةُ الْمَوْتُ ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ أَمَاتَهُ ، أَيْ قَضَى بِهِ وَتَوَفَّاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ قَبَضَ رُوحَهُ وَأَمَاتَهُ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّكَ لَمَّا تَوَفَّيْتَنِي قَدْ صَارَتِ الْوَفَاةُ حَائِلًا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَلَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أُنْكِرَ عَلَيْهِمْ ضَلَالَهُمْ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ، فَجَاءَ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ الدَّالِّ عَلَى الْقَصْرِ ، أَيْ كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ لَا أَنَا إِذْ لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَ الدُّنْيَا اتِّصَالٌ . وَالْمَعْنَى أَنَّكَ تَعْلَمُ أَمْرَهُمْ وَتُرْسِلُ إِلَيْهِمْ مَنْ يَهْدِيهِمْ مَتَى شِئْتَ . وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَدَاهُمْ بِكُلِّ وُجُوهِ الِاهْتِدَاءِ . وَأَقْصَى وُجُوهِ الِاهْتِدَاءِ إِبْلَاغُهُمْ مَا سَيَكُونُ فِي شَأْنِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=117وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ تَذْيِيلٌ ، وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ إِذْ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِئَلَّا يَكُونَ فِي حُكْمِ جَوَابِ ( لَمَّا ) .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَوَّضَ أَمْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ فَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُجَازِيهِمْ بِهِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ إِمْسَاكٍ عَنْ إِبْدَاءِ رَغْبَةٍ لِشِدَّةِ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَغَايَةُ مَا عَرَّضَ بِهِ
عِيسَى أَنَّهُ جَوَّزَ الْمَغْفِرَةَ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ بِهِمْ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=118فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذِكْرُ الْعَزِيزِ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ يَغْفِرُ عَنْ مَقْدِرَةٍ ، وَذِكْرُ الْحَكِيمِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلتَّفْوِيضِ ، أَيِ الْمُحْكِمُ لِلْأُمُورِ الْعَالِمُ بِمَا يَلِيقُ بِهِمْ .