الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله فيها وجهان: أحدهما: يعني بعد من قص ذكره من الأمم السالفة قرون وأمم لم يقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلمهم إلا الله عالم ما في السماوات والأرض.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ما بين عدنان وإسماعيل من الآباء. قال ابن عباس: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون. وكان ابن مسعود يقرأ: لا يعلمهم إلا الله كذب النسابون. جاءتهم رسلهم بالبينات أي بالحجج. فردوا أيديهم في أفواههم فيه سبعة أوجه: أحدها: أنهم عضوا على أصابعهم تغيظا عليهم ، قاله ابن مسعود واستشهد أبو عبيدة بقول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        لو أن سلمى أبصرت تخددي ودقة في عظم ساقي ويدي     وبعد أهلي وجفاء عودي
                                                                                                                                                                                                                                        عضت من الوجد بأطراف اليد



                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم لما سمعوا كتاب الله عجبوا منه ووضعوا أيديهم على أفواههم ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: معناه أنهم كانوا إذا قال لهم نبيهم إني رسول الله إليكم ، أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم بأن اسكت تكذيبا له وردا لقوله ، قاله أبو صالح.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 125 ] الرابع: معناه أنهم كذبوهم بأفواههم ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: أنهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرسل ردا لقولهم ، قاله الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        السادس: أن الأيدي هي النعم ، ومعناه أنهم ردوا نعمهم بأفواههم جحودا لها.

                                                                                                                                                                                                                                        السابع: أن هذا مثل أريد به أنهم كفوا عن قبول الحق ولم يؤمنوا بالرسل ، كما يقال لمن أمسك عن الجواب رد في فيه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية