الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كين

                                                          كين : الكين : لحمة داخل فرج المرأة . ابن سيده : الكين لحم [ ص: 145 ] باطن الفرج ، والركب ظاهره ; قال جرير :


                                                          غمز ابن مرة ، يا فرزدق كينها غمز الطبيب نغانغ المعذور

                                                          يعني عمران بن مرة المنقري ، وكان أسر جعثن أخت الفرزدق يوم السيدان ; وفي ذلك يقول جرير أيضا :


                                                          هم تركوها بعدما طالت السرى     عوانا ، وردوا حمرة الكين أسودا

                                                          وفي ذلك يقول جرير أيضا :


                                                          يفرج عمران بن مرة كينها     وينزو نزاء العير أعلق حائله

                                                          وقيل : الكين الغدد التي هي داخل قبل المرأة مثل أطراف النوى ، والجمع كيون . والكين : البظر عن اللحياني . وكين المرأة : بظارتها . وأنشد اللحياني :


                                                          يكوين أطراف الأيور بالكين     إذا وجدن حرة تنزين

                                                          قال ابن سيده : فهذا يجوز أن يفسر بجميع ما ذكرناه . واستكان الرجل : خضع وذل ، جعله أبو علي استفعل من هذا الباب ، وغيره يجعله افتعل من المسكنة ، ولكل من ذلك تعليل مذكور في بابه . وبات فلان بكينة سوء ، بالكسر ، أي بحالة سوء . أبو سعيد : يقال أكانه الله يكينه إكانة أي أخضعه حتى استكان وأدخل عليه من الذل ما أكانه ; وأنشد :


                                                          لعمرك ما يشفي جراح تكينه     ولكن شفائي أن تئيم حلائله

                                                          قال الأزهري : وفي التنزيل العزيز : فما استكانوا لربهم ; من هذا ، أي ما خضعوا لربهم . وقال ابن الأنباري في قولهم استكان أي خضع : فيه قولان : أحدهما أنه من السكينة وكان في الأصل استكنوا ، افتعل من سكن ، فمدت فتحة الكاف بالألف كما يمدون الضمة بالواو والكسرة بالياء ، واحتج بقوله : فأنظور أي فأنظر ، وشيمال في موضع الشمال ، والقول الثاني أنه استفعال من كان يكون . ثعلب عن ابن الأعرابي : الكينة النبقة ، والكينة الكفالة ، والمكتان الكفيل . وكائن معناها معنى كم في الخبر والاستفهام ، وفيها لغتان : كأي مثل كعين ، وكائن مثل كاعن . قال أبي بن كعب لزر بن حبيش : كأين تعدون سورة الأحزاب أي كم تعدونها آية ; وتستعمل في الخبر والاستفهام مثل كم ; قال ابن الأثير : وأشهر لغاتها كأي ، بالتشديد ، وتقول في الخبر كأي من رجل قد رأيت ، تريد به التكثير فتخفض النكرة بعدها بمن ، وإدخال من بعد كأي أكثر من النصب بها وأجود ; قال ذو الرمة :


                                                          وكائن ذعرنا من مهاة ورامح     بلاد العدى ليست له ببلاد

                                                          قال ابن بري بعد انقضاء كلام الجوهري : ظاهر كلامه أن كائن عنده بمنزلة بائع وسائر ونحو ذلك مما وزنه فاعل ، وذلك غلط ، وإنما الأصل فيها كأي ، الكاف للتشبيه دخلت على أي ، ثم قدمت الياء المشددة ثم خففت فصارت كييء ، ثم أبدلت الياء ألفا فقالوا كاء كما قالوا في طيء طاء . وفي التنزيل العزيز : وكأين من نبي ; قال الأزهري : أخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال كأي بمعنى كم ، وكم بمعنى الكثرة ، وتعمل عمل رب في معنى القلة ، قال : وفي كأي ثلاث لغات : كأي بوزن كعين الأصل أي أدخلت عليها كاف التشبيه ، وكائن بوزن كاعن ، واللغة الثالثة كاين بوزن ماين ، لا همز فيه ; وأنشد :


                                                          كاين رأبت وهايا صدع أعظمه     وربه عطبا أنقذت م العطب

                                                          يريد من العطب . وقوله : وكاين بوزن فاعل من كئت أكيء أي جبنت . قال : ومن قال كأي لم يمدها ولم يحرك همزتها التي هي أول أي ، فكأنها لغة ، وكلها بمعنى كم . وقال الزجاج : في كائن لغتان جيدتان يقرأ كأي ، بتشديد الياء ، ويقرأ كائن على وزن فاعل ، قال : وأكثر ما جاء في الشعر على هذه اللغة ، وقرأ ابن كثير وكائن بوزن كاعن ، وقرأ سائر القراء وكأين ، الهمزة بين الكاف والياء ، قال : وأصل كائن كأي مثل كعي ، فقدمت الياء على الهمزة ثم خففت فصارت بوزن كيع ، ثم قلبت الياء ألفا ، وفيها لغات أشهرها كأي ، بالتشديد ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية