الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بول ]

                                                          بول : البول : واحد الأبوال ، بال الإنسان وغيره يبول بولا ، واستعاره بعض الشعراء فقال :


                                                          بال سهيل في الفضيح ففسد .



                                                          والاسم البيلة كالجلسة والركبة . وكثرة الشراب مبولة ، بالفتح . والمبولة ، بالكسر : كوز يبال فيه . ويقال : لنبيلن الخيل في عرصاتكم ، وقول الفرزدق :


                                                          وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي     كساع إلى أسد الشرى يستبيلها .



                                                          أي يأخذ بولها في يده ; وأنشد ابن بري لمالك بن نويرة اليربوعي ، وقال : أنشده ثعلب :


                                                          كأنهم إذ يعصرون فظوظها     بدجلة أو فيض الأبلة ، مورد
                                                          إذا ما استبالوا الخيل كانت أكفهم     وقائع للأبوال والماء أبرد .



                                                          يقول : كانت أكفهم وقائع حين بالت فيها الخيل ، والوقائع نقر ، يقول : كأن ماء هذه الفظوظ من دجلة أو فيض الفرات . وفي الحديث : من نام حتى أصبح بال الشيطان في أذنه ، قيل : معناه سخر منه وظهر عليه حتى نام عن طاعة الله ، كما قال الشاعر :


                                                          بال سهيل في الفضيخ ففسد .



                                                          أي لما كان الفضيخ يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره عليه مفسدا له . وفي حديث آخر عن الحسن مرسلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " فإذا نام شغر الشيطان برجله فبال في أذنه " . وفي حديث ابن مسعود : كفى بالرجل شرا أن يبول الشيطان في أذنيه ; قال : وكل هذا على سبيل المجاز والتمثيل . وفي الحديث : أنه خرج يريد حاجة فاتبعه بعض أصحابه فقال : تنح فإن كل بائلة تفيخ أي من يبول يخرج منه الريح ، وأنث البائلة ذهابا إلى النفس . وفي حديث عمر ورأى أسلم يحمل متاعه على بعير من إبل الصدقة قال : فهلا ناقة شصوصا أو ابن لبون بوالا ؟ وصفه بالبول تحقيرا لشأنه وأنه ليس عنده ظهر يرغب فيه لقوة حمله ولا ضرع فيحلب وإنما هو بوال . وأخذه بوال ، بالضم ، إذا جعل البول يعتريه كثيرا . ابن سيده : البوال داء يكثر منه البول . ورجل بولة : كثير البول ، يطرد على هذا باب . وإنه لحسن البيلة : من البول . والبول : الولد . ابن الأعرابي عن المفضل قال : الرجل يبول بولا شريفا فاخرا إذا ولد له ولد يشبهه . والبال : الحال والشأن ، قال الشاعر :


                                                          فبتنا على ما خيلت ناعمي بال .



                                                          وفي الحديث : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر " ، البال : الحال والشأن . وأمر ذو بال أي شريف يحتفل له ويهتم به . والبال في غير هذا : القلب ، ومنه حديث الأحنف : نعي له فلان الحنظلي فما ألقى له بالا أي ما استمع إليه ولا جعل قلبه نحوه . والبال : الخاطر . والبال : المر الذي يعتمل به في أرض الزرع . والبال : سمكة غليظة تدعى جمل البحر ، وفي التهذيب : سمكة عظيمة في البحر ؛ قال : وليست بعربية . الجوهري : البال الحوت العظيم من حيتان البحر ، وليس بعربي . والبال : رخاء العيش ، يقال : فلان في بال رخي ولبب رخي أي في سعة وخصب وأمن ، وإنه لرخي البال وناعم البال ، يقال : ما بالك ، والبال : الأمل . يقال : فلان كاسف البال وكسوف باله : أن يضيق عليه أمله . وهو رخي البال إذا لم يشتد عليه الأمر ولم يكترث . وقوله - عز وجل - : سيهديهم ويصلح بالهم ؛ أي حالهم في الدنيا . وفي المحكم : أي يصلح أمر معاشهم في الدنيا مع ما يجازيهم به في الآخرة ، قال ابن سيده : وإنما قضينا على هذه الألف بالواو ؛ لأنها عين مع كثرة " ب و ل " وقلة " ب ي ل " . والبال : القلب . ومن أسماء النفس البال . والبال : بال النفس وهو الاكتراث ، ومنه اشتق باليت ، ولم يخطر ببالي ذلك الأمر أي لم يكرثني . ويقال : ما [ ص: 184 ] يخطر فلان ببالي . وقولهم : ليس هذا من بالي أي مما أباليه ، والمصدر البالة . ومن كلام الحسن : لم يبالهم الله بالة . ويقال : لم أبال ولم أبل ، على القصر ، وقول زهير :


                                                          لقد باليت مظعن أم أوفى     ولكن أم أوفى لا تبالي



                                                          باليت : كرهت ، ولا تبالي : لا تكره . وفي الحديث : " أخرج من صلب آدم ذرية ، فقال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، ثم أخرج ذرية فقال : هؤلاء في النار ولا أبالي " ، أي لا أكره . وهما يتباليان أي يتباريان ، قال الجعدي :


                                                          وتباليا في الشد أي تبالي



                                                          وقول الشاعر :


                                                          ما لي أراك قائما تبالي     وأنت قد مت من الهزال



                                                          قال : تبالي تنظر أيهم أحسن بالا وأنت هالك . يقال : المبالاة في الخير والشر ، وتكون المبالاة الصبر . وذكر الجوهري : ما أباليه بالة في المعتل ، قال ابن بري : والبال المبالاة ، قال ابن أحمر :


                                                          أغدوا واعد الحي الزيالا     وسوقا لم يبالوا العين بالا



                                                          والبالة : القارورة والجراب ، وقيل : وعاء الطيب ، فارسي معرب أصله باله . التهذيب : البال جمع بالة وهي الجراب الضخم ، قال الجوهري : أصله بالفارسية ييله ، قال أبو ذؤيب :


                                                          كأن عليها بالة لطمية     لها من خلال الدأيتين أريج



                                                          وقال أيضا :


                                                          فأقسم ما إن بالة لطمية     يفوح بباب الفارسيين بابها



                                                          أراد باب هذه اللطيمة قال : وقيل هي بالفارسية يبله التي فيها المسك فألف بالة على هذا ياء . وقال أبو سعيد : البالة الرائحة والشمة ، وهو من قولهم بلوته إذا شممته واختبرته ، وإنما كان أصلها بلوة ولكنه قدم الواو قبل اللام فصيرها ألفا ، كقولك قاع وقعا ، ألا ترى أن ذا الرمة يقول :


                                                          بأصفر ورد آل حتى كأنما     يسوف به البالي عصارة خردل



                                                          ألا تراه جعله يبلوه ، والبال : جمع بالة وهي عصا فيها زج تكون مع صيادي أهل البصرة ، يقولون : قد أمكنك الصيد فألق البالة . وفي حديث المغيرة : أنه كره ضرب البالة هي بالتخفيف ، حديدة يصاد بها السمك ، يقال للصياد : ارم بها فما خرج فهو لي بكذا ، وإنما كرهه ؛ لأنه غرر ومجهول . وبولان : حي من طيء . وفي الحديث : كان للحسن والحسين - عليهما السلام - قطيفة بولانية ، قال ابن الأثير : هي منسوبة إلى بولان اسم موضع كان يسرق فيه الأعراب متاع الحاج ؛ قال : وبولان أيضا في أنساب العرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية