الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
218 - باب في ذوي المحارم

قال الله عز وجل ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء )

فالزوج محرم للمرأة ما داما على النكاح ، وكل من لا يحل له أن يتزوج بها من نسب أو رضاع محرم لها ، ويدخل في هؤلاء أعمامها وأخوالها .

وفي قوله : ( أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن ) ، تنبيه على الأعمام والأخوال .

وأما قوله : ( أو نسائهن ) . فقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح ، أن نساء المسلمين يدخلن الحمامات ومعهن نساء من أهل الكتاب فمنع ذلك . وفي رواية أخرى : فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها .

وأما ( ما ملكت أيمانهن ) ، فقد روينا عن القاسم بن محمد أنه قال : كانت أمهات المؤمنين يكون لبعضهن المكاتب ، فتكشف له الحجاب ما بقي عليه درهم ، فإذا قضاه أرخته دونه . ورويناه عن عائشة .

751 - وأخبرنا أبو علي الروذباري ، أنبأ أبو بكر بن داسة ، ثنا أبو داود ، ثنا محمد بن عيسى ، ثنا أبو جميع سالم بن دينار ، عن ثابت ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها . قال : وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال : " إنه ليس عليك بأس ، إنما هو أبوك وغلامك " .

وأما ( غير أولي الإربة من الرجال ) ، فقد روينا عن ابن عباس ، أنه قال : " هو الرجل يتبع القوم ، وهو مغفل في العقل ، لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن " ، وقال الشعبي : " هو الذي ليس له أرب أي حاجة في النساء " . وقاله أيضا طاوس ، والحسن . [ ص: 247 ] وأما الطفل ، فقد قال مجاهد : " هم الذين لا يدرون ما النساء من الصغر " . وروى أبو الزبير ، عن جابر أن أم سلمة استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة ، فأمر أبا طيبة أن يحجمها . قال الراوي : حيث إنه كان أخاها من الرضاعة ، أو غلاما لم يحتلم .

وأمر الله تعالى المملوكين والذين لم يبلغوا الحلم بالاستئذان في العورات الثلاث : إذا خلا الرجل بأهله قبل صلاة الفجر ، وعند الظهيرة ، وبعد صلاة العشاء ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات ) إلى قوله : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) .

والآية في الاستئذان بعد البلوغ عامة في المحارم وغيرهم ، فيما رواه عطاء ، وعبيد الله بن أبي يزيد ، عن ابن عباس . وفيما رويناه عن ابن مسعود ، وحذيفة ، وروي فيه حديث مرسل .

التالي السابق


الخدمات العلمية