الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولما ذكر شروط القتل ذكر شروط القتيل فقال ( ويشترط لوجوب القصاص ) بل والضمان من أصله على تفصيل فيه ( في القتيل إسلام ) لخبر { فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها } ( أو أمان ) بحقن دمه بعقد ذمة أو عهد ، أو أمان مجرد ولو من الآحاد ، أو ضرب رق ; لأنه يصير به مالا لنا ، نعم لا ضمان على مقتول لصيال أو قطع طريق ويعتبر للقود عصمة المقتول : أي حقن دمه من أول أجزاء الجناية كالرمي إلى الزهوق كما يأتي ( فيهدر ) بالنسبة لكل أحد الصائل إذا تعين قتله طريقا لدفعه و ( الحربي ) ولو نحو امرأة وصبي لقوله تعالى { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } ( والمرتد ) في حق معصوم لخبر { من بدل دينه فاقتلوه } ويفارق الحربي بأنه ملتزم فعصم على مثله ولا كذلك الحربي ( ومن عليه قصاص كغيره ) في العصمة في حق غير المستحق فيقتل قاتله وقاطع الطريق المتحتم قتله وتارك الصلاة ونحوهما مهدرون إلا على مثلهم كما أشار إليه بقوله ( والزاني المحصن إن [ ص: 267 ] قتله ذمي ) والمراد به غير الحربي أو مرتد ( قتل ) به ; لأنه لا تسلط له على المسلم ، وأخذ منه البلقيني أن الزاني الذمي المحصن إذا قتله ذمي ولو مجوسيا ليس زانيا محصنا ولا وجب قتله بنحو قطع طريق لا يقتل به ، ويؤخذ منه أيضا أن محل عدم قتل المسلم المعصوم به حيث قصد استيفاء ما وجب عليه بقتله أو لم يقصد شيئا ، بخلاف ما لو قصد عدم ذلك لصرفه فعله عن الواجب ، ويحتمل أن يؤخذ بإطلاقهم ، ويوجه بأن دمه لما كان هدرا لم يؤثر فيه الصارف ( أو مسلم ) ليس زانيا محصنا ( فلا ) يقتل به ( في الأصح ) لإهداره لكن يعذر لافتياته على الإمام وسواء في ذلك أثبت زناه بالبينة أم بالإقرار ، خلافا لما وقع في تصحيح التنبيه للمصنف ، وسواء أقتله قبل رجوعه عن إقراره أو رجوع الشهود عن شهادتهم أم بعده ، وشمل ما لو رجع عن إقراره بعد الجرح ثم مات بالسراية ولو رآه يزني وعلم إحصانه فقتله لم يقتل به قطعا .

                                                                                                                            والثاني قال استيفاء الحد للإمام دون الآحاد ، ومحل الخلاف إذا قتله قبل أمر الإمام بقتله ، وإلا فلا قصاص قطعا ، وخرج بقولي : ليس زانيا محصنا الزاني المحصن فيقتل به ما لم يأمره الإمام بقتله ، والأوجه إلحاق كل مهدر كتارك صلاة وقاطع طريق بشرطه بالزاني المحصن .

                                                                                                                            فالحاصل أن المهدر معصوم على مثله في الإهدار وإن اختلفا في سببه ويد السارق مهدرة إلا على مثله سواء المسروق منه وغيره ، ثم ذكر شروط القاتل فقال

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لأنه يصير به ) أي ضرب الرق

                                                                                                                            ( قوله : لا ضمان على مقتول ) أي على قاتل مقتول ، وإلا فمعلوم أن المقتول لا يضمن ولو عبر باللام بدل على لكان أظهر

                                                                                                                            ( قوله : لكل أحد ) عمومه شامل للذمي والمعاهد ( قوله : ولو نحو امرأة وصبي ) إنما أخذهما غاية لحرمة قتلهما

                                                                                                                            ( قوله : في حق معصوم ) أي أما في حق غيره المعصوم فلا يهدر فيقتل بمرتد مثله ، وهو يقتضي أن الزاني المحصن وتارك الصلاة وقاطع الطريق المتحتم قتله إذا قتل واحدا منهم المرتد يقتل به ، وهو غير مراد لما يأتي أن المسلم ولو مهدرا لا يقتل بالكافر

                                                                                                                            ( قوله : ويفارق ) أي المرتد

                                                                                                                            ( قوله : الحربي ) أي حيث هدر ولو على غير معصوم

                                                                                                                            ( قوله : بأنه ) أي : المرتد

                                                                                                                            ( قوله : على مثله ) أي مرتد مثله

                                                                                                                            ( قوله : وتارك الصلاة ) قال في الروض : ويعصم تارك الصلاة بالجنون والسكر : أي فلا يقتل حالهما لا المرتد : أي فيقتل حال جنونه وسكره ا هـ .

                                                                                                                            وفي باب الصلاة كلام في ذلك عن النووي وغيره تنبغي مراجعته ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : إلا على مثلهم ) قضيته أن القاطع غير مهدر على التارك وبالعكس ، إلا أن يريد المماثلة في الإهدار كما سيأتي ا هـ سم على حج ، وقوله كما [ ص: 267 ] سيأتي : أي في قول الشارح .

                                                                                                                            والحاصل أن المهدر إلخ

                                                                                                                            ( قوله : لأنه ) أي الذمي

                                                                                                                            ( قوله : وأخذ منه البلقيني ) قد يشكل الأخذ بأن الذمي لا حق له في الواجب على الذمي ا هـ سم على حج ، ويجاب بأن الذمي وإن لم يكن له حق لكن الزاني دونه فقتل به ، وإنما لم يقتل المسلم به ; لأن الكافر لا تسلط له على المسلم ( قوله : المعصوم به ) أي بالمسلم الزاني المحصن

                                                                                                                            ( قوله : ويحتمل أن يؤخذ إلخ ) هذا الصنيع يقتضي اعتماد الأول ، ولكن الاحتمال هو المعتمد أخذا من قوله : ويؤخذ

                                                                                                                            ( قوله : في ذلك ) أي في أن المسلم لا يقتل به

                                                                                                                            ( قوله : ولو رآه يزني ) أي والحال أنه علم ذلك كما هو ظاهر ، وإلا فلو لم يعلم ذلك فقتله وادعى أني إنما قتلته لأني رأيته يزني ، وهو محصن لم يقبل منه ذلك بل يقتص منه كما هو ظاهر ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : فيقتل ) أي للمكافأة

                                                                                                                            ( قوله : وإن اختلفا في سببه ) كزنا وترك صلاة أو قطع طريق



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 266 ] قوله : إلا بحقها ) لا دخل له في الدليل كما لا يخفى ( قوله : بحقن دمه ) أشار به إلى أن المراد الأمان بالمعنى اللغوي الشامل لنحو الجزية كما أشار إليه أيضا بقوله بعقد ذمة إلخ . ( قوله : أو أمان مجرد ) أي بالمعنى الأخص المقابل للأقسام الثلاثة ( قوله : نعم لا ضمان إلخ . ) انظر هذا الاستدراك على ماذا ( قوله : في حق معصوم ) عبارة التحفة : إلا على مثله ( قوله : كما أشار إليه بقوله ) انظر وجه الإشارة [ ص: 267 ] قوله : ويؤخذ منه أيضا ) انظر ما وجه الأخذ ، وعبارة التحفة عقب التعليل المار : ولا حق لهما في الواجب عليه انتهت ، وهذا الذي حذفه الشارح هو محل الأخذ كما لا يخفى ( قوله : أم بعده ) أي لاختلاف العلماء في صحة الرجوع لكن هذا إنما هو في رجوعه عن الإقرار كما نقله الشهاب سم في حواشيه على شرح المنهج عن الشارح فليراجع الحكم في رجوع الشهود ( قوله : وشمل ما لو رجع عن إقراره إلخ . ) انظر ما الحاجة إلى هذا ( قوله : لم يقتل به قطعا ) يعني : لم يستحق القتل باطنا كما يعلم من كلام غيره ( قوله : فالحاصل إلخ . ) يرد عليه ما إذا كان القتيل مرتدا والقاتل مسلما زانيا محصنا أو نحوه وقد مر أن المسلم لا يقتل بالكافر إلا أن يقال مراده ما لم يمنع مانع لكن يبعد ذلك أو أن المراد حاصل ما تقدم قبله وهو بعيد أيضا مع جعله ضابطا




                                                                                                                            الخدمات العلمية