الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل

                                                                                                                                                                                                                                      قل يا أهل الكتاب تلوين للخطاب وتوجيه له إلى فريقي أهل الكتاب بطريق الالتفات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بعد إبطال مسلك كل منهما ، للمبالغة في زجرهم عما سلكوه من المسلك الباطل ، وإرشادهم إلى الأمم المنئاة .

                                                                                                                                                                                                                                      لا تغلوا في دينكم ; أي : لا تتجاوزوا الحد ، وهو نهي للنصارى عن رفع عيسى عن رتبة الرسالة إلى ما تقولوا في حقه من العظيمة ، ولليهود عن وضعهم له عليه السلام عن رتبته العلية إلى ما تقولوا عليه من الكلمة الشنعاء . وقيل : هو خاص بالنصارى ، كما في سورة النساء ، فذكرهم بعنوان أهلية الكتاب لتذكير أن [ ص: 69 ] الإنجيل أيضا ينهاهم عن الغلو .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : غير الحق نصب على أنه نعت لمصدر محذوف ; أي : لا تغلوا في دينكم غلوا غير الحق ; أي : غلوا باطلا ، أو حال من ضمير الفاعل ; أي : لا تغلوا مجاوزين الحق ، أو من دينكم ; أي : لا تغلوا في دينكم حال كونه باطلا . وقيل : نصب على الاستثناء المتصل ، وقيل : على المنقطع .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل هم أسلافهم وأئمتهم الذين قد ضلوا من الفريقين ، أو من النصارى على القولين ، قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم في شريعتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأضلوا كثيرا ; أي : قوما كثيرا ممن شايعهم في الزيغ والضلال ، أو إضلالا كثيرا ، والمفعول محذوف .

                                                                                                                                                                                                                                      وضلوا عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتوضيح محجة الحق وتبيين مناهج الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      عن سواء السبيل حين كذبوه وحسدوه وبغوا عليه . وقيل : الأول : إشارة إلى ضلالهم عن مقتضى العقل ، والثاني : إلى ضلالهم عما جاء به الشرع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية