الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون

                                                                                                                                                                                                                                      لعن الذين كفروا ; أي : لعنهم الله عز وجل ، وبناء الفعل للمفعول للجري على سنن الكبرياء .

                                                                                                                                                                                                                                      من بني إسرائيل متعلق بمحذوف وقع حالا من الموصول ، أو من فاعل كفروا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : على لسان داود وعيسى ابن مريم متعلق بلعن ; أي : لعنهم الله تعالى في الزبور والإنجيل على لسانهما . وقيل : إن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت ، دعا عليهم داود عليه السلام وقال : اللهم العنهم واجعلهم آية ; فمسخهم الله قردة . وأصحاب المائدة لما كفروا ، قال عيسى عليه السلام : اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين ، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت ; فأصبحوا خنازير ، وكانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم امرأة ولا صبي .

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك إشارة إلى اللعن المذكور ، وإيثاره على الضمير للتنبيه على كمال ظهوره ، وامتيازه عن نظائره ، وانتظامه بسببه في سلك الأمور المشاهدة ، وما فيه من معنى البعد للإيذان بكمال فظاعته ، وبعد درجته في الشناعة والهول ، وهو مبتدأ خبره قوله تعالى : بما عصوا وكانوا يعتدون والجملة مستأنفة واقعة موقع الجواب عما نشأ من الكلام ، كأنه قيل : بأي سبب وقع ذلك ؟ فقيل : ذلك اللعن الهائل الفظيع بسبب عصيانهم واعتدائهم المستمر ، كما يفيده الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية