الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( الفرق الثاني والأربعون والمائة بين قاعدة الأجداد في المواريث يسوون بالإخوة وبين قاعدتهم في النكاح وميراث الولاء وصلاة الجنازة تقدم الإخوة عليهم )

وسر الفرق بين هذه المواطن والمواريث أن الجد في باب المواريث يقول أنا أبو أبيه والأخ يدلي بالبنوة فيقول أنا ابن أبيه والبنوة مقدمة على الأبوة فحجب الابن الأب عن جملة المال إلى سدسه فهذه العمدة في الأبواب الأربعة كلها ويفترق الميراث من الثلاثة الأبواب الأخر بأن الجد تسقط الإخوة للأم به ولا نقدر الإخوة الأشقاء على ذلك ولا الإخوة للأب ويرث مع الابن بخلاف الإخوة فلما عارض بهذين الوجهين حجة الإخوة بالبنوة سوى بالإخوة في باب ميراث النسب لأنه هو الذي حصل فيه التعارض وهذا التعارض منفي في الأبواب الثلاثة بسبب أن الإخوة للأم لا مدخل لهم في ولاية النكاح ولا ميراث الولاء ولا في صلاة الجنازة حتى يقول الجد للإخوة أنتم عاجزون عن دفع هؤلاء وأنا لا أعجز عن دفعهم وإذا لم يمكن أن يعارضهم بذلك بقيت حجتهم بالبنوة وتقديمها على الأبوة سالمة عن المعارض فقدموا في الأبواب الثلاثة بخلاف ميراث النسب .

التالي السابق


حاشية ابن حسين المكي المالكي

( الفرق الثاني والأربعون والمائة بين قاعدة الأجداد في المواريث يسوون بالإخوة وبين قاعدتهم في النكاح وميراث الولاء وصلاة الجنازة تقدم الإخوة عليهم )

مشهور المذهب أن ترتيب العصبة في غسل الميت وفيما إذا وصى لأقرب عصبة وفي ميراث الولاء وفي صلاة الجنازة وفي النكاح وفي تكميل عدد العاقلة هكذا ابن وإن سفل فأب فأخ فابنه فجد أدنى فعم أدنى فابنه فأبو الجد فعم الأب وهكذا يقدم الأصل على فرعه والفرع على أصل أصله وابن الأخ الشقيق على ابن الأخ للأب كما في المجموع ومقابل المشهور كما في ضوء الشموع قول المغيرة يقدم الجد على الأخ لأنه أب . ا هـ

وفي بداية المجتهد وروي عن مالك أن الأب أولى من الابن وهو أحسن وقال أيضا الجد أولى من الأخ وبه قال المغيرة وخالف الشافعي مالكا في ولاية البنوة فلم يجزها أصلا بل قال لا ولاية للابن وفي تقديم الإخوة على الجد ا هـ .

وترتيبهم في الحضانة أن يتوسط الأجداد بين الإخوة وأبنائهم وفي المواريث واستيفاء الدم من الجاني أن يسوى الأجداد بالإخوة بأن يقدم الأخ ثم الجد ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم وما أحسن قول عج رحمه الله تعالى :

بغسل وإيصاء ولاء جنازة نكاح أخا وابنا على الجد قدم وعقل ووسطه بباب حضانة
وسوه مع الأباء في الإرث والدم

ومراده بالآباء الإخوة دون أبنائهم قال الأصل وسر الفرق بين المواريث وبين الأبواب الثلاثة أعني النكاح وميراث الولاء ومنه الإيصاء وتكمل عدد العاقلة وصلاة الجنازة ومنه غسل الميت هو أنه وإن كانت العمدة في هذه الأبواب الأربعة من أن حجة الجد في باب المواريث أن يقول أنا أبو أبيه والأبوة مقدمة على الأخوة قطعا ومن حجة الأخ في ذلك الباب أن يقول من حيث إنه يدلي بالبنوة عارضها في باب ابن أبيه والبنوة مقدمة على الأبوة قطعا فقد حجب الابن الأب عن جملة المال إلى سدسه إلا أن حجة الأخوة بالبنوة لما عارضها في باب ميراث النسب وجهان لم تحصل معارضتهما لهما في الثلاثة الأبواب الأخر

( أحدهما ) أن الجد يسقط الإخوة للأم به ولا تقدر الإخوة أشقاء كانوا أو لأب على ذلك

( وثانيهما ) أن الجد يرث مع الابن بخلاف الإخوة أما الثاني فظاهر وأما الأول فبسبب أن الإخوة للأم [ ص: 129 ] لا مدخل لهم في ولاية النكاح ولا في ميراث الولاء ولا في صلاة الجنائز لاختصاص هذه الأبواب بالعصبة ، وأخ الأم خارج عن العصبة وحينئذ لم يكن لقول الجد للإخوة أنتم عاجزون عن دفع هؤلاء وأنا لا أعجز عن دفعهم وإذا لم يمكن أن يعارضهم بذلك بقيت حجة الأخوة بالبنوة وتقديمها على الأبوة سالمة عن المعارض فقدموا في الأبواب الثلاثة بخلاف ميراث النسب . ا هـ

بتصرف وتوضيح للمراد وسلمه ابن الشاط قلت ويبقى سر الفرق بين باب الحضانة وبين الأبواب الأربعة مفتقرا للبيان { ويخلق ما لا تعلمون } فتأمل ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية