الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              286 [ ص: 158 ] 22 - باب المرأة تستحاض

                                                              37 \ 277 - عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق .

                                                              حسن. وأخرجه النسائي .

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: حديث عروة عن فاطمة هذا قال ابن القطان: منقطع؛ لأنه انفرد به محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، ورواه عن محمد بن عمرو محمد بن أبي عدي مرتين: إحداهما من كتابه هكذا، والثانية زاد فيه "عائشة" بين عروة وفاطمة، وهذا متصل، ولكن لما حدث به من [ ص: 159 ] كتابه منقطعا ومن حفظه متصلا، فزاد "عائشة" أورث ذلك نظرا فيه. وقد جاء في "سنن أبي داود" مصرحا به أنه أخذه من عائشة لا من فاطمة.

                                                              وروى أبو داود من حديث الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة: أن فاطمة حدثته أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن المنذر مجهول، قاله أبو حاتم الرازي، والحديث عند غير أبي داود معنعن، لم يقل فيه "إن فاطمة حدثته". قال: وكذلك حديث سهيل بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة: حدثتني فاطمة أنها أمرت أسماء، أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مشكوك فيه في سماعه من فاطمة.

                                                              قال: وفي متن الحديث ما أنكر على سهيل، وعد مما ساء حفظه فيه، وظهر أثر تغيره عليه. وذلك لأنه أحال فيه على الأيام، قال: فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ، قال: والمعروف في قصة فاطمة الإحالة على الدم وعلى القروء. تم كلامه.

                                                              وهذا كله عنت ومناكدة من ابن القطان; أما قوله: "إنه منقطع" فليس كذلك، فإن محمد بن أبي عدي مكانه من الحفظ والإتقان معروف لا [ ص: 160 ] يجهل. وقد حفظه وحدث به مرة عن عروة، عن فاطمة، ومرة عن عائشة، عن فاطمة. وقد أدرك كلتيهما وسمع منهما بلا ريب، ففاطمة بنت عمه، وعائشة خالته، فالانقطاع الذي رمي به الحديث مقطوع دابره، وقد صرح بأن فاطمة حدثته به.

                                                              وقوله: "إن المنذر جهله أبو حاتم" لا يضره ذلك، فإن أبا حاتم الرازي يجهل رجالا وهم ثقات معروفون، وهو متشدد في الرجال. وقد وثق المنذر جماعة وأثنوا عليه وعرفوه.

                                                              وقوله: "الحديث عند غير أبي داود معنعن"، فإن ذلك لا يضره، ولا سيما على أصله في زيادة الثقة، فقد صرح سهيل، عن الزهري، عن عروة قال: حدثتني فاطمة، وحمله على سهيل، وأن هذا مما ساء حفظه فيه دعوى باطلة، وقد صحح مسلم وغيره حديث سهيل.

                                                              وقوله: "إنه أحال فيه على الأيام، والمعروف الإحالة على القروء والدم" كلام في غاية الفساد، فإن المعروف الذي في "الصحيح" إحالتها على الأيام التي كانت تحتسبها حيضها، وهي القرء بعينها، فأحدهما يصدق [ ص: 161 ] الآخر. وأما إحالتها على الدم فهو الذي ينظر فيه، ولم يروه أصحاب الصحيح، وإنما رواه أبو داود والنسائي، وسأل عنه ابن أبي حاتم أباه فضعفه وقال: هذا منكر، وصححه الحاكم.




                                                              الخدمات العلمية