الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن ؛ المعنى - والله أعلم - : فيقال لهم : يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ؛ المعنى : قد استكثرتم ممن أضللتموهم من الإنس؛ وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ؛ جاء في التفسير أن استمتاع الإنس بالجن أن الرجل كان إذا سافر سفرا فخاف؛ أو أصاب صيدا؛ قال : أعوذ برب هذا الوادي؛ وبصاحب هذا الوادي؛ يعني به الجن؛ واستمتاع الجن بالإنس أن الإنسي قد اعترف له بأنه يقدر أن يدفع عنه؛ والذي يدل عليه اللفظ - والله أعلم - هو قبول الإنس من الجن ما كانوا يغوونهم به؛ لقوله : استكثرتم من الإنس ؛ فأما من كان يقول هذا؛ أعني يستعيذ بالجن؛ فقليل؛ قال النار مثواكم ؛ " المثوى " : المقام؛ خالدين فيها ؛ منصوب على الحال؛ المعنى : " النار مقامكم في حال خلود دائم " ؛ وقوله : إلا ما شاء الله ؛ معنى الاستثناء عندي ههنا - والله أعلم - إنما هو من يوم القيامة؛ لأن [ ص: 292 ] قوله : ويوم يحشرهم جميعا ؛ هو يوم القيامة؛ فقال : " خالدين فيها مذ يبعثون إلا ما شاء ربك من مقدار حشرهم من قبورهم؛ ومقدار مدتهم في محاسبتهم " ؛ وجائز أن يكون " إلا ما شاء الله أن يعذبهم به من أصناف العذاب " ؛ كما قال - جل وعز - : لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ؛ فيجوز - والله أعلم - " إلا ما شاء ربك من مقدار حشرهم؛ ومحاسبتهم " ؛ ويجوز أن يكون " إلا ما شاء ربك مما يزيدهم من العذاب " ؛ وقوله : إن ربك حكيم عليم ؛ أي : هو حكيم فيما جعله من جزائهم؛ وحكيم في غيره.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية