الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          3867 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنها بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد رواه عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة نحو هذا [ ص: 250 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 250 ] ( ما جاء في فضل فاطمة ) أي : بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمها خديجة عليها السلام ، ولدت فاطمة في الإسلام وقيل : قبل البعثة وتزوجها علي -رضي الله عنه- بعد بدر في السنة الثانية ، وولدت له وماتت سنة إحدى عشرة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بستة أشهر ، وقد ثبت في الصحيح من حديث عائشة وقيل : بل عاشت بعده ثمانية وقيل : ثلاثة وقيل : شهرين ، وقيل : شهرا واحدا ، ولها أربع وعشرون سنة ، وقيل غير ذلك فقيل : إحدى ، وقيل : خمس وقيل : تسع ، وقيل : عاشت ثلاثين سنة .

                                                                                                          قوله : ( عن ابن أبي مليكة ) اسمه عبد الله بن عبيد الله . قوله : " إن بني هشام بن المغيرة " وقع في رواية مسلم : هاشم بن المغيرة ، والصواب : هشام ؛ لأنه جد المخطوبة وبنو هشام هم أعمام بنت أبي جهل ؛ لأنه أبو الحكم عمرو بن هشام بن المغيرة ، وقد أسلم أخواه الحارث بن هشام ، وسلمة بن هشام عام الفتح وحسن إسلامهما ، وممن يدخل في إطلاق بني هشام بن المغيرة عكرمة بن أبي جهل بن هشام وقد أسلم أيضا وحسن إسلامه " استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب " وجاء أيضا أن عليا -رضي الله عنه- استأذن بنفسه على ما أخرجه الحاكم بإسناد صحيح إلى سويد بن غفلة قال : خطب علي بنت أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام فاستشار النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : " أعن حسبها تسألني ؟ " فقال : لا ، ولكن أتأمرني بها ؟ قال : " لا ؛فاطمة مضغة مني ولا أحسب إلا أنها تحزن ، أو تجزع " ، فقال علي -رضي الله عنه- : لا آتي شيئا تكرهه ، واسم المخطوبة جويرة ، أو العوراء ، أو جميلة " فلا آذن لهم ثم لا آذن ثم لا آذن " كرر ذلك تأكيدا ، وفيه إشارة إلى تأييد مدة منع الإذن وكأنه أراد رفع المجاز لاحتمال أن يحمل النفي على مدة بعينها ، فقال : ثم لا آذن أي : ولو مضت المدة المفروضة تقديرا لا آذن بعدها ثم كذلك أبدا " فإنها بضعة مني " بفتح الموحدة وسكون الضاد المعجمة أي : قطعة ، ووقع في حديث سويد بن غفلة كما تقدم مضغة بضم الميم وبالغين المعجمة ، والسبب فيه أنها كانت أصيبت بأمها ثم بإخوتها واحدة بعد واحدة فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا [ ص: 251 ] حصلت لها الغيرة " يريبني " بفتح الياء ، وفي رواية البخاري يريبني بضمها من باب الإفعال " ما رابها " ، وفي رواية البخاري : " ما أرابها " ، قال في النهاية : " يريبني ما يريبها " : أي : يسوءوني ما يسوءوها ويزعجني ما يزعجها ، يقال : رابني هذا الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره . انتهى ، وفي رواية الزهري عند الشيخين : وأنا أتخوف أن تفتن في دينها . يعني أنها لا تصبر على الغيرة فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين " ويؤذيني ما آذاها " فيه تحريم أذى من يتأذى النبي -صلى الله عليه وسلم- بتأذيه ؛ لأن أذى النبي -صلى الله عليه وسلم - حرام اتفاقا قليله وكثيره ، وقد جزم بأنه يؤذيه ما يؤذي فاطمة ، فكل من وقع معه في حق فاطمة شيء فتأذت به فهو يؤذي النبي -صلى الله عليه وسلم- بشهادة هذا الخبر الصحيح ، ولا شيء أعظم في إدخال الأذى عليها من قتل ولدها ، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشد . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة .




                                                                                                          الخدمات العلمية