الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              809 (39) باب

                                                                                              أول مسجد وضع في الأرض ، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

                                                                                              [ 413 ] عن أبي ذر قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أول مسجد وضع في الأرض ؟ قال : المسجد الحرام ، قلت : ثم أي ؟ قال : المسجد الأقصى ، قلت : كم بينهما ؟ قال : أربعون عاما ، ثم الأرض لك مسجد ، فحيثما أدركتك الصلاة فصل .

                                                                                              رواه أحمد (5 \ 105)، والبخاري (3166)، ومسلم (520) (2)، والنسائي (2 \ 32)، وابن ماجه (753) .

                                                                                              [ ص: 114 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 114 ] (39) ومن باب : أول مسجد وضع في الأرض

                                                                                              قوله : وقد سأله أبو ذر عن أول مسجد وضع في الأرض : المسجد الحرام ; وهو مسجد مكة . والمسجد الأقصى : هو مسجد بيت المقدس ، وسمي بالأقصى ; لبعده عن الحجاز ، أو لبعده عن الأقذار والخبائث ، فإنه مقدس ، والمقدس : المطهر ، ومنه : القدس : السطل الذي يستقى به الماء .

                                                                                              وقوله : أربعون عاما - وقد سئل عن مدة ما بينهما - فيه إشكال ; وذلك أن مسجد مكة بناه إبراهيم بنص القرآن ; إذ قال : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل [ البقرة : 127 ] الآية . والمسجد الأقصى بناه سليمان - عليه السلام - كما خرجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالا ثلاثة : سأل الله تعالى حكما يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله تعالى ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه ، وسأل الله تعالى حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه . وبين إبراهيم وسليمان آماد طويلة ; [ ص: 115 ] قال أهل التاريخ : أكثر من ألف سنة . ويرتفع الإشكال بأن يقال : الآية والحديث لا يدلان على أن بناء إبراهيم وسليمان لما بنيا ابتداء وضعهما لهما ، بل ذلك تجديد لما كان أسسه غيرهما وبدأه ، وقد روي أن أول من بنى البيت آدم - عليه السلام - . فعلى هذا فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس بعده بأربعين عاما ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              وفي الأم قول إبراهيم التيمي : كنت أقرأ على أبي القرآن في السدة ، فإذا قرأت السجدة سجد ، فقلت : يا أبت ! أتسجد في الطريق ؟ . . . ، الحديث ) كذا صح : السدة . ورواه النسائي : في السكة ، و " في بعض السكك " ، وهذا هو المطابق لقوله : أتسجد على الطريق ؟ لكن السدة هنا إنما عنى بها سدة الجامع ، وهي الظلال التي حوله ، ومنه سمي إسماعيل السدي ; لأن كان يبيع الخمر في سدة الجامع ، وكان التيمي يجلس فيها ويقرأ القرآن ، فإذا جاءت السجدة سجد .




                                                                                              الخدمات العلمية