الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8629 ) مسألة : قال : ( ولو أعتقهم وثلثه يحتملهم ، فأعتقناهم ، ثم ظهر عليه دين يستغرقهم ، بعناهم في دينه ) وجملته أن المريض إذا أعتق عبيده في المرض ، أو دبرهم ، أو وصى بعتقهم ، ومات ثم ظهر عليه دين وهم يخرجون من ثلثه في الظاهر ، فأعتقناهم ، ثم ظهر عليه دين يستغرق التركة ، تبينا بطلان عتقهم وبقاء رقهم ، فيباعون في الدين ، ويكون عتقهم وصية ، والدين مقدم على الوصية ; ولهذا قال علي رضي الله عنه { : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الدين قبل الوصية } ولأن الدين مقدم على الميراث بالاتفاق ، ولهذا تباع التركة في قضاء الدين ، وقد قال الله تعالى : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } والميراث مقدم على الوصية في الثلثين ، فما تقدم على الميراث ، يجب أن يقدم على الوصية . وبهذا قال الشافعي ورد ابن أبي ليلى عبدا أعتقه سيده عند الموت وعليه دين .

                                                                                                                                            قال أحمد : أحسن ابن أبي ليلى وذكر أبو الخطاب عن أحمد رواية في الذي يعتق عبده في مرضه وعليه دين أنه يعتق منه بقدر الثلث ، ويرد الباقي . وقال قتادة ، وأبو حنيفة وإسحاق : يسعى العبد في قيمته . ولنا أنه تبرع في مرض موته بما يعتبر خروجه من الثلث ، فقدم عليه الدين كالهبة ، ولأنه يعتبر من الثلث ، فقدم عليه الدين ، كالوصية ، وخفاء الدين لا يمنع ثبوت حكمه ، ولهذا يملك الغريم استيفاءه . فعلى هذا تبين أنه أعتقهم وقد استحقهم الغريم بدينه ، فلم ينفذ عتقه ، كما لو أعتق ملك غيره . فإن قال الورثة : نحن نقضي الدين ، ونمضي العتق . ففيه وجهان ; أحدهما ، لا ينفذ حتى يبتدئوا العتق ; لأن الدين كان مانعا منه فيكون باطلا ، ولا يصح بزوال المانع بعده .

                                                                                                                                            والثاني ، ينفذ العتق ; لأن المانع منه إنما هو الدين ، فإذا سقط وجب نفوذه ، كما لو أسقط الورثة حقوقهم [ ص: 306 ] من ثلثي التركة ، نفذ العتق في الجميع . ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين . وقالوا : إن أصل الوجهين ، إذا تصرف الورثة في التركة ببيع أو غيره ، وعلى الميت دين ، وقضي الدين ، هل ينفذ ؟ فيه وجهان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية