الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            . ( 8635 ) مسألة : قال : ( واذا قال لعبده : أنت حر في وقت سماه ، لم يعتق حتى يأتي ذلك الوقت ) وجملة ذلك أن السيد إذا علق عتق عبده أو أمته على مجيء وقت ، مثل قوله : أنت حر في رأس الحول لم يعتق حتى يأتي رأس الحول وله بيعه وهبته وإجارته ووطء الأمة ، وبهذا قال الأوزاعي والشافعي وابن المنذر ، قال أحمد إذا قال لغلامه أنت حر إلى أن يقدم فلان ومجيء فلان واحد وإلى رأس السنة وإلى رأس الشهر إنما يريد إذا جاء رأس السنة أو جاء رأس الهلال منه ، واذا قال أنت طالق إذا جاء الهلال إنما تطلق إذا جاء رأس الهلال ، وقال إسحاق كما قال أحمد وحكي عن مالك أنه إذا قال لعبده أنت حر في رأس الحول عتق في الحال ، والذي حكاه ابن المنذر عنه أنها إذا كانت جارية لم يطأها لأنه لا يملكها ملكا تاما ولا يهبها ولا يلحقها بسببه رق ، وإن مات السيد قبل الوقت كانت حرة عند الوقت من رأس المال ، وقد روي عن أحمد أنه لا يطؤها لأن ملكه غير تام عليها والأول أصح لما روي عن أبي ذر أنه قال لعبده أنت عتيق إلى رأس الحول ، فلولا أن العتق يتعلق بالحول لم يعلقه عليه لعدم فائدته ، ولأنه علق العتق بصفة فوجب أن يتعلق بها كما لو قال إذا أديت إلي ألفا فأنت حر واستحقاقها للعتق لا يمنع الوطء كالاستيلاد ولا يلزم المكاتبة لأنها اشترت نفسها من سيدها بعوض وزال ملكه عن إكسابها بخلاف مسألتنا . ( 8636 )

                                                                                                                                            فصل : وإذا جاء الوقت وهو في ملكه عتق بغير خلاف نعلمه ، وإن خرج عن ملكه ببيع أو ميراث أو هبة لم يعتق ، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ، وقال النخعي وابن أبي ليلى إذا قال لعبده إن فعلت كذا فأنت حر ، فباعه بيعا صحيحا ثم فعل ذلك الفعل عتق وانتقض البيع . قال ابن أبي ليلى إذا حلف بالطلاق لا كلمت فلانا ثم طلقها طلاقا بائنا ثم كلمه حنث ، وعامة أهل العلم على خلاف هذا القول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لا طلاق ولا عتاق ولا بيع فيما لا يملك ابن آدم } ولأنه لا ملك له فلم يقع طلاقه ولا عتاقه كما لو لم يكن له مال متقدم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية