الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في صاحب الحد يجيء فيقر

                                                                      4379 حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا الفريابي حدثنا إسرائيل حدثنا سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن أبيه أن امرأة خرجت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تريد الصلاة فتلقاها رجل فتجللها فقضى حاجته منها فصاحت وانطلق فمر عليها رجل فقالت إن ذاك فعل بي كذا وكذا ومرت عصابة من المهاجرين فقالت إن ذلك الرجل فعل بي كذا وكذا فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها فأتوها به فقالت نعم هو هذا فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فلما أمر به قام صاحبها الذي وقع عليها فقال يا رسول الله أنا صاحبها فقال لها اذهبي فقد غفر الله لك وقال للرجل قولا حسنا قال أبو داود يعني الرجل المأخوذ وقال للرجل الذي وقع عليها ارجموه فقال لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم قال أبو داود رواه أسباط بن نصر أيضا عن سماك [ ص: 33 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 33 ] ( تريد الصلاة ) : حال أو استئناف تعليل ( فتجللها ) : بالجيم فهو كناية عن الجماع قاله السيوطي . وقال القاري : أي فغشيها بثوبه فصار كالجل عليه ( فقضى حاجته منها ) : قال القاضي أي غشيها وجامعها كنى به عن الوطء كما كنى عنه بالغشيان ( وانطلق ) : ذلك الرجل الذي جللها ( ومر عليها رجل ) : أي آخر ( فقالت إن ذاك ) : أي الرجل الآخر ( كذا وكذا ) : أي من الغشيان وقضاء الحاجة ( عصابة ) : بكسر أوله أي جماعة ( فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها ) : والحال أنه لم يقع عليها وكان ظنها غلطا ( فلما أمر به ) : أي بإقامة الحد عليه . زاد في رواية الترمذي ليرجم ، ولا يخفى أنه بظاهره مشكل إذ لا يستقيم الأمر بالرجم من غير إقرار ولا بينة ، وقول المرأة لا يصلح بينة بل هي التي تستحق أن تحد حد القذف فلعل المراد فلما قارب أن يأمر به وذلك قاله الراوي نظرا إلى ظاهر الأمر حيث إنهم أحضروه في المحكم عند الإمام والإمام اشتغل بالتفتيش عن حاله والله تعالى أعلم . كذا في فتح الودود ( أنا صاحبها ) : أي أنا الذي جللتها وقضيت حاجتي منها لا الذي أتوا به ( فقال ) صلى الله عليه وسلم ( لها ) : أي للمرأة ( فقد غفر الله لك ) : لكونها مكرهة ( وقال للرجل ) : أي الذي [ ص: 34 ] أتوا به ( يعني الرجل المأخوذ ) : والمراد بالرجل الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا حسنا هو الرجل المأخوذ الذي أتوا به ( ارجموه ) : أي فرجموه لكونه محصنا ( لقد تاب توبة ) : أي باعترافه أو بإجراء حده ( لو تابها ) : أي لو تاب مثل توبته ( أهل المدينة ) : أي أهل بلد فيهم عشار وغيره من الظلمة قاله القاري ( لقبل منهم ) : وقال ابن الملك لو قسم هذا المقدار من التوبة على أهل المدينة لكفاهم انتهى .

                                                                      قال القاري : ولا يخفى أنه ليس تحته شيء من المعنى ، فإن التوبة غير قابلة للقسمة والتجزئة ، فأما ما ورد استغفروا لماعز بن مالك لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم فلعله محمول على المبالغة ، أو على التأويل الذي ذكرنا انتهى .

                                                                      قلت : ما قال ابن الملك هو الظاهر ، ويؤيده ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في ماعز : لقد تاب توبة لو قسمت إلخ ، وأما ما زعم القاري من أن التوبة غير قابلة للقسمة ففيه نظر كما لا يخفى على المتأمل ، ولا حاجة إلى التأويل مع استقامة المعنى الظاهر من الحديث ، والله تعالى أعلم وعلمه أتم ( رواه أسباط بن نصر أيضا ) : أي كما رواه إسرائيل ( عن سماك ) : أي ابن حرب .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حسن صحيح غريب وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من أبيه بنحوه مختصرا ، وقال الترمذي غريب ، وليس إسناده بمتصل ، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه ، وقال سمعت محمدا يعني البخاري يقول عبد الجبار بن وائل بن حجر لم يسمع من أبيه ولا أدركه يقال إنه ولد بعد موت أبيه بأشهر .




                                                                      الخدمات العلمية