الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 441 ] 75 - باب بيان مشكل ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر }

503 - حدثنا يزيد بن سنان ، وبكار قالا : حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : { قال رجل : يا رسول الله ، أيؤاخذ أحدنا بما عمل في الجاهلية ، فقال : من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام ، أخذ بالأول والآخر } .

504 - حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا الثوري ، عن منصور ، والأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، عن رسول الله عليه السلام مثله .

[ ص: 442 ]

505 - حدثنا بكار ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، ومنصور ، ثم ذكر بإسناده مثله .

506 - حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي أبو علي ، حدثنا الهيثم بن جميل ، حدثنا زائدة بن قدامة ، وجرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : قال الناس : يا رسول الله ، ثم ذكر مثله سواء .

فسأل سائل فقال : هل يلتئم هذا الحديث والحديث الذي رويتموه عن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر :

507 - ما قد حدثنا فهد قال : حدثنا يوسف بن بهلول ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، حدثنا ابن إسحاق ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس ، عن حبيب بن أبي أوس قال : حدثني عمرو بن العاص حديثه من فيه ، فذكر قصة إسلامه قال : { فقلت : يا رسول الله ، أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم ، ولا أذكر ما أستأنف ؟ قال : يا عمرو ، بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله ، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها } .

[ ص: 443 ] فكان جوابنا له عن ذلك بتوفيق الله أن هذين الحديثين ملتئمان غير مختلفين ولا متضادين ، وذلك أن قول رسول الله عليه السلام في حديث ابن مسعود عندنا - والله أعلم - من أحسن في الإسلام هو على معنى من أسلم في الإسلام ومن ذلك قوله تعالى : من جاء بالحسنة فله خير منها فكانت الحسنة المرادة في ذلك هي الإسلام ، فكان من جاء بالإسلام مجبوبا عنه ما كان منه في الجاهلية ، وموافقا لما في حديث عمرو أن { الإسلام يجب ما كان قبله } ، ومن لزم الكفر في الإسلام كان قد جاء بالسيئة في الإسلام ، ومنه قول الله تعالى : ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها فكانت عقوبة تلك السيئة عليه منضافة إلى عقوبات ما قبلها من سيئاته كانت في الجاهلية ، فاتفق بحمد الله حديثا رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذان ذكرناهما ، ولم يختلفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية