الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8685 ) مسألة : قال : ( وإذا دبر قبل البلوغ كان تدبيره جائزا ، إذا كان له عشر سنين فصاعدا ، وكان يعرف التدبير . وما قلته في الرجل ، فالمرأة مثله ، إذا كان لها تسع سنين فصاعدا ) وجملته أن تدبير الصبي المميز ، ووصيته ، جائزة . وهذا إحدى الروايتين عن مالك ، وأحد قولي الشافعي . قال : بعض أصحابه : هو أصح قوليه . وروي ذلك عن عمر ، وشريح ، وعبد الله بن عتبة . وقال الحسن ، وأبو حنيفة : لا يصح تدبيره ، كالمجنون . وهو الرواية الثانية عن مالك ، والقول الثاني للشافعي ; لأنه لا يصح إعتاقه ، فلم يصح تدبيره ، كالمجنون .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى سعيد ، عن هشيم ، عن يحيى عن ابن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد ، أن غلاما من الأنصار أوصى لأخوال له من غسان ، بأرض يقال لها : بئر جشم قومت بثلاثين ألفا ، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب ، فأجاز الوصية . قال يحيى بن سعيد : وكان الغلام ابن عشر سنين ، أو اثنتي عشرة سنة . وروي أن قوما سألوا عمر رضي الله عنه عن غلام من غسان يافع ، وصى لبنت عمه ، فأجاز عمر وصيته . ولم نعرف له مخالفا ، ولأن صحة وصيته وتدبيره أحظ له بيقين ، لأنهما باقيا لا يلزمه ، فإذا مات كان ذلك صلة وأجرا ، فصح ، كوصية المحجور عليه لسفه ، ويخالف العتق ، لأن فيه تفويت ماله عليه في حياته ووقت حاجته .

                                                                                                                                            فأما تقييد من يصح تدبيره بمن له عشر ; فلقول النبي صلى الله عليه وسلم : { اضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع } . وهو الذي ورد فيه الخبر عن عمر رضي الله عنه . واعتبر المرأة بتسع ; لقول عائشة رضي الله عنها : إذا بلغت الجارية تسع سنين ، فهي امرأة . ويروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا . ولأنه السن الذي يمكن بلوغها فيه ، ويتعلق به أحكام سوى ذلك . ( 8686 )

                                                                                                                                            فصل : ويصح منه الرجوع . إن قلنا بصحة الرجوع من المكلف ; لأن من صحت وصيته ، صح رجوعه ، كالمكلف . وإن أراد بيع المدبر ، قام وليه في بيعه مقامه . وإن أذن له وليه في بيعه ، فباعه ، صح منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية