الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1201 (باب في التنفل بالليل والنهار)

                                                                                                                              وذكره النووي في الباب المشار إليه .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 8ج6 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا هشيم عن خالد، عن عبد الله بن شقيق. قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن تطوعه [ ص: 37 ] فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا. ثم يخرج فيصلي بالناس. ثم يدخل فيصلي ركعتين. وكان يصلي بالناس المغرب. ثم يدخل فيصلي ركعتين. ويصلي بالناس العشاء. ويدخل بيتي فيصلي ركعتين. وكان يصلي من الليل تسع ركعات، فيهن الوتر. وكان يصلي ليلا طويلا قائما. وليلا طويلا قاعدا. وكان إذا قرأ وهو قائم، ركع وسجد وهو قائم. وإذا قرأ قاعدا، ركع وسجد وهو قاعد. وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن شقيق) رضي الله عنه قال: (سألت عائشة) رضي الله عنها (عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن تطوعه؟ فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا. ثم يخرج فيصلي بالناس. ثم يدخل فيصلي ركعتين) .

                                                                                                                              فيه: استحباب النوافل الراتبة في البيت، كما يستحب فيه غيرها، ولا خلاف في هذا.

                                                                                                                              وبه قال الجمهور؛ سواء راتبة فرائض النهار والليل.

                                                                                                                              قال جماعة من السلف: الاختيار فعلها في المسجد كلها.

                                                                                                                              وقال مالك ، والثوري: الأفضل فعل نوافل النهار الراتبة في المسجد، وراتبة الليل في البيت.

                                                                                                                              [ ص: 38 ] ودليل الجمهور: هذه الأحاديث الصحيحة؛

                                                                                                                              وفيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم، يصلي سنة الصبح، والجمعة؛ في بيته، وهما صلاتا نهار، مع قوله:

                                                                                                                              "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة".

                                                                                                                              وهذا عام صحيح صريح، لا معارض له؛ فليس لأحد العدول عنه.

                                                                                                                              قال أهل العلم: الحكمة في شرعية النوافل، تكميل الفرائض بها إن عرض فيها نقص؛

                                                                                                                              كما ثبت في الحديث، في سنن أبي داود وغيره. ولترتاض نفسه بتقديم النافلة، وينشط بها. ويتفرغ قلبه أكمل فراغ للفريضة.

                                                                                                                              ولهذا يستحب أن تفتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين، كما ذكره مسلم بعد هذا قريبا.

                                                                                                                              (وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين. ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين. وكان يصلي من الليل تسع ركعات، فيهن الوتر. وكان يصلي ليلا طويلا قائما. وليلا طويلا قاعدا. وكان إذا قرأ وهو قائم، ركع وسجد وهو قائم. وإذا قرأ قاعدا. ركع وسجد وهو قاعد. وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين) .

                                                                                                                              تقدم في هذا الباب حديث أم حبيبة؛ وفيه ذكر :(ثنتي عشرة ركعة) .

                                                                                                                              وحديث ابن عمر وفيه ذكر :(ركعتين قبل الظهر، وكذا بعدها، وبعد المغرب، والعشاء، والجمعة) .

                                                                                                                              [ ص: 39 ] وزاد في البخاري :(قبل الصبح ركعتين) ، وهذه اثنتا عشرة.

                                                                                                                              وفي حديث عائشة هنا : (أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وبعد المغرب، وبعد العشاء، وإذا طلع الفجر) . وهذه اثنتا عشرة أيضا.

                                                                                                                              وليس للعصر ذكر في الصحيحين.

                                                                                                                              وجاء في أبي داود بإسناد صحيح، عن علي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين) .

                                                                                                                              وعن ابن عمر، عنه صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا". رواه أبو داود ، والترمذي . وقال: حديث حسن.

                                                                                                                              وجاء في أربع بعد الظهر، حديث صحيح، عن أم حبيبة، (قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرمه الله على النار") رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال حديث حسن صحيح.

                                                                                                                              وفي صحيح البخاري عن ابن مغفل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا قبل المغرب. صلوا قبل المغرب"، قال في الثالثة: "لمن شاء".

                                                                                                                              وتقدم عنه مرفوعا: "بين كل أذانين صلاة".

                                                                                                                              فهذه جملة من الأحاديث الصحيحة، في السنن الراتبة مع الفرائض.

                                                                                                                              قال بكلها جمهور العلماء، واستحبوا جميع هذه النوافل.

                                                                                                                              ولا خلاف في شيء منه، إلا في الركعتين قبل المغرب. والصحيح استحبابهما، بحديث السواري. وهو في الصحيحين.

                                                                                                                              [ ص: 40 ] واختلاف الأحاديث في أعدادها، محمول على توسعة الأمر فيها، وأن لها أقل وأكمل، فيحصل أصل السنة بالأقل، ولكن الاختيار فعل الأكثر الأكمل.

                                                                                                                              وهذا كما في اختلاف أحاديث الضحى، والوتر، فجاءت فيها كلها أعدادها بالأقل، والأكثر، وما بينهما، ليدل على أقل المجزئ في تحصيل أصل السنة، وعلى الأكمل، والأوسط، والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية