الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8720 ) فصل : ولا تنفسخ الكتابة بالجنون ; لأنها عقد لازم ، فلم تنفسخ بالجنون ، كالرهن ، وفارق الموت ; لأن العقد على العين ، والموت يفوت العين ، بخلاف الجنون ، ولأن القصد من الكتابة العتق ، والموت ينافيه ، ولهذا لا يصح عتق الميت ، والجنون لا ينافيه ; بدليل صحة عتق المجنون . فعلى هذا ، إن أدى إليه المال ، عتق ; لأن السيد إذا قبض منه ، فقد استوفى حقه الذي كان عليه ، وله أخذ المال من يده ، فيتضمن ذلك براءته من المال ، فيعتق بحكم العقد ، وإن لم يؤد ، كان للسيد أن يحضره عند الحاكم ، وتثبت الكتابة بالبينة ، فيبحث الحاكم عن ماله ، فإن وجد له مالا ، سلمه في الكتابة ، وعتق ، وإن لم يجد له مالا جعل ، له أن يعجزه ، ويلزمه الإنقاق عليه ; لأنه عاد قنا ، ثم إن وجد له الحاكم بعد ذلك مالا يفي بمال الكتابة ، أبطل فسخ السيد ; لأن الباطن بان بخلاف ما حكم به ، فبطل حكمه ، كما إذا أخطأ النص وحكم بالاجتهاد ، إلا أنه يرد على السيد ما أنفقه من حين الفسخ ; لأنه لم يكن مستحقا عليه في الباطن .

                                                                                                                                            وإن أفاق ، فأقام البينة أنه كان قد دفع إليه مال الكتابة ، بطل أيضا فسخ السيد ، ولا يرد عليه ما أنفقه ; لأنه أنفق عليه مع علمه بحريته ، فكان متطوعا بذلك ، فلم يرجع به . وينبغي أن يستحلف السيد الحاكم ، أنه ما استوفى مال الكتابة . وهذا قول أصحاب الشافعي . ولم يذكره أصحابنا ، وهو حسن ; لأنه استوفاه ، والمجنون لا يعبر عن نفسه فيدعيه ، فيقوم الحاكم مقامه في استحلافه عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية