الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( القاعدة الرابعة والعشرون بعد المائة ) : هل نخص اللفظ العام بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضي له ؟ فيه وجهان .

أحدهما : لا يخص به بل يقضي بعموم اللفظ ، وهو اختيار القاضي في الخلاف والآمدي وأبي الفتح الحلواني وأبي الخطاب وغيرهم وأخذوه من نص أحمد في رواية علي بن سعيد فيمن حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه ثم زال الظلم قال أحمد النذر يوفى به .

وكذلك أخذوه من قاعدة المذهب فيمن حلف لا يكلم هذا الصبي فصار شيخا أنه يحنث بتكليمه تغليبا للتعيين على الوصف قالوا : والسبب والقرينة عندنا تعم الخاص ولا تخصص العام .

والوجه الثاني : لا يحنث ، وهو الصحيح عند صاحبي المغني والمحرر ، ولكن صاحب المحرر استثنى صورة النهر وما أشبهها كمن حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ثم زال ، وصاحب المغني عزى [ ص: 278 ] الخلاف إليها ، ورجحه ابن عقيل في عمد الأدلة ، وقال : هو قياس المذهب ; لأن المذهب أن الصفة لا تنحل بالفعل حالة البينونة ; لأن اليمين بمقتضى دلالة الحال تقتضي التخصيص بحالة الزوجية دون غيرها .

وكذلك جزم به القاضي في موضع من المجرد واختاره الشيخ تقي الدين ، وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة بأن نص أحمد إنما هو النذر ، والناذر إذا قصد التقرب بنذره لزمه الوفاء مطلقا كما منع المهاجرون من العود إلى ديارهم التي تركوها لله ، وإن زال المعنى الذي تركوها لأجله فإن ترك شيئا لله يمتنع فيه العود مطلقا ، وإن كان بسبب قد يتغير ، ولهذا نهى المتصدق أن يشتري صدقته ، وهذا أحسن ، وقد يكون جده صاحب المحرر لحظ هذا حيث خص صورة النهر بالحنث مع الإطلاق بخلاف غيرها من الصور وأما مسألة الحلف على العين الموصوفة بالصفة فإن كان ثم سبب يقتضي اختصاص اليمين بحال بقاء الصفة لم يحنث بالكلام بعد زوالها صرح به في الكافي والمحرر فهي كمسألتنا ، ويتفرع على هذه القاعدة مسائل : منها : لو دعي إلى غداء فحلف لا يتغدى ، فهل يحنث بغداء غير ذلك المحلوف بسببه ؟ على وجهين وجزم القاضي في الكفاية وصاحب المحرر بعدم الحنث .

التالي السابق


الخدمات العلمية