الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8780 ) فصل : فإن ملك المكاتب ابنه أو بعض ذوي رحمه المحرم ، أو ولد له ولد من أمته فجنى جناية تعلق أرشها برقبته فللمكاتب فداؤه بغير إذن سيده كما يفدي غيره من عبيده وقال القاضي في " المجرد " : ليس له فداؤه بغير إذنه . وهو مذهب الشافعي ; لأنه إتلاف لماله ، فإن ذوي رحمه ليسوا بمال له ولا يتصرف فيهم فلم يجز له إخراج ماله في مقابلتهم ، ولأن شراءهم كالتبرع ويفارق العبد الأجنبي ; فإنه ينتفع به وله صرفه في كتابته فكان له فداؤه وشراؤه كسائر الأموال ، لكن إن كان لهذا الجاني كسب فدي منه ، وإن لم يكن له كسب بيع في الجناية إن استغرقت قيمته ، وإن لم تستغرقها بيع بعضه فيها وما بقي للمكاتب .

                                                                                                                                            ولنا أنه عبد له جنى فملك فداءه كسائر عبيده ولا نسلم أنه لا يملك شراءه وقولهم : لا يتصرف فيه . قلنا : إلا أن كسبه له وإن عجزه المكاتب صار رقيقا معه لسيده وإن أدى المكاتب لم يتضرر السيد بعتقهم وانتفع به المكاتب ، وإذا دار أمره بين نفع وانتفاء ضرر وجب أن لا يمنع منه ، وفارق التبرع فإنه يفوت المال على السيد فإن قيل : بل فيه مضرة وهو منعه من أداء الكتابة ، فإنه إذا صرف المال فيه ولم يقدر على صرفه في الكتابة عجز عنها . قلنا : هذا الضرر لا يمنع المكاتب منه ; بدليل ما لو ترك الكسب مع إمكانه ، أو امتنع من الأداء مع قدرته عليه فإنه لا يمنع منه ولا يجبر على كسب ولا أداء ، فكذلك لا يمنع مما هو في معناه ولا مما يفضي إليه ، ولأن غاية الضرر في هذا المنع من إتمام الكتابة - وليس إتمامها واجبا عليه - فأشبه ترك الكسب ، بل هذا أولى لوجهين : أحدهما أن هذا فيه نفع للسيد ; لمصيرهم عبيدا له .

                                                                                                                                            والثاني أن فيه نفعا للمكاتب بإعتاق ولده وذوي رحمه ونفعهم بالإعتاق على تقدير الأداء ، فإذا لم يمنع مما يساويه في المضرة من غير نفع فيه ، فلأن لا يمنع مما فيه نفع لازم لإحدى الجهتين أولى . وولد المكاتبة يدخل في كتابتها ، والحكم في جنايته كالحكم في ولد المكاتب سواء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية