الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8784 ) فصل : وإذا مات المكاتب ، وعليه ديون ، وأروش جنايات ، ولم يكن ملك ما يؤدي في كتابته ، انفسخت كتابته ، وسقط أرش الجنايات ; لأنها متعلقة برقبته وقد تلفت ، ويستوفى دينه مما كان في يده ، فإن لم يف بها ، سقط الباقي . قال أحمد : ليس على سيده قضاء دينه ، هذا كان يسعى لنفسه . وإن كان قد ملك ما يؤدي في كتابته ، انبنى ذلك على الروايتين في عتق المكاتب بملك ما يؤديه ، وقد ذكرنا فيه روايتين ، الظاهر منهما أنه لا يعتق بذلك ، فتنفسخ الكتابة أيضا ، ويبدأ بقضاء الدين ، على ما ذكرنا في الحال الأول . وهذا قول زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب والحسن ، وشريح ، وعطاء ، وعمرو بن دينار ، وأبي الزناد ، ويحيى الأنصاري ، وربيعة والأوزاعي ، وأبي حنيفة ، والشافعي .

                                                                                                                                            والرواية الثانية ، أنه إذا ملك ما يؤدي ، فقد صار حرا فعلى هذا ، يضرب السيد مع الغرماء بما حل من نجومه . وروي نحو هذا عن شريح ، والنخعي ، والشعبي ، والحكم ، وحماد ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، والحسن بن صالح ; لأنه دين له حال ، فيضرب به كسائر الديون . ويجيء على قول من قال : إن الدين يحل بالموت . أن يضرب بجميع مال الكتابة ; لأنه قد صار حالا . والمذهب الأول ، الذي نقله الجماعة عن أحمد . وقد روى سعيد ، في " سننه " ، حدثنا هشيم ، أنا منصور وسعيد ، عن قتادة ، قال : ذكرت لسعيد بن المسيب قول شريح في المكاتب إذا مات وعليه دين ، وبقية من مكاتبته ، فقلت : إن شريحا قضى أن مولاه يضرب مع الغرماء . فقال سعيد : أخطأ شريح ، قضى زيد بالدين قبل المكاتبة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية