الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 401 ] 773 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقضى لبعض القراء على بعض مما يختلفون فيه في قراءتهم من لدني من التثقيل ، ومن التخفيف .

4895 - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا الحجاج بن محمد ، عن حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه ، فقال ذات يوم : رحمة الله علينا وعلى موسى لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب العجاب ، ولكنه قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني ، مثقلة .

[ ص: 402 ]

4896 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : حدثنا أبو داود الحفري ، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا ، مثقلة .

[ ص: 403 ]

4897 - وحدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا أمية بن خالد ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ : قد بلغت من لدني عذرا بثقل النون .

قال : وهذا مما لا نعلم لمن رواه فيه مخالفا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عليه ، فأما اختلاف القراء في ذلك .

وكما حدثنا ابن أبي عمران ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال الأعمش من لدني مشدد ، حمزة كمثل ، أبو عمرو كمثل ، عاصم : لدني مكسورة النون ، وبجزم الدال ، ويشمها الضمة ، وبنصب اللام في السورة من لدنه مثلها ، ولنافع : من لدني مخففة .

وفيما أجازه لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد القاسم بن [ ص: 404 ] سلام في كتابه في " القراءات " قال : وقوله قد بلغت من لدني عذرا ، كان نافع وغيره من أهل المدينة يقرؤونها بفتح اللام ، وتخفيف النون مع ضم الدال لدني ، وكذلك قرأها عاصم إلا أنه كان يشم اللام الضمة مع جزم الدال لدني .

وأما الأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي ، فإنهم كانوا يثقلون النون مع فتح اللام ، وضم الدال لدني .

قال أبو عبيد : وكذلك القراءة عندنا ، وهي اللغة العالية ، وإنما ثقلت النون ليسلم سكونها وهي من الأصل ساكنة ، كقولهم في " من وعن " ألا ترى أن النون منهما ساكنة في الأصل ، كقولك : من فلان ، وعنك ، فإذا أضفت إلى نفسك قلت : مني وعني ، فزدت نونا ثانية ليسلم السكون الذي كان فيها ، ولو قلت : مني وعني مخففتين ، لذهب السكون ، وصارت النون إلى الكسر ، فلهذا قالوا : مني وعني بالتشديد كذا لدني .

قال أبو جعفر : ومما جاء ذكره في القرآن في نون الجماعة في ( لدن ) : لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ، أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ، وحنانا من لدنا وزكاة .

وفي إجماعهم على ما ذكرنا ما قد دل على أن أولى القراءات فيما قد ذكرنا اختلافهم فيه ، ما كان يقرؤه الأعمش وحمزة وأبو عمرو على ما ذكرناه عنهم في ذلك ، لا سيما قد شد ذلك بما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، مما يوافق ما قرؤوه عليه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية