الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ولي العمد يرضى بالدية

                                                                      4504 حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا ابن أبي ذئب قال حدثني سعيد بن أبي سعيد قال سمعت أبا شريح الكعبي يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إنكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقله فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين أن يأخذوا العقل أو يقتلوا

                                                                      التالي السابق


                                                                      أي هذا باب في بيان أن ولي المقتول بالقتل العمد يأخذ الدية ويرضى بها .

                                                                      ( سمعت أبا شريح ) : بالتصغير ( الكعبي ) : هو أبو شريح خويلد بن عمرو الكعبي العدوي الخزاعي أسلم قبل الفتح ومات بالمدينة سنة ثمان وستين روى عنه جماعة وهو مشهور بكنيته ( ألا ) بفتح الهمزة واللام المخففة وهي كلمة تنبيه تدل على تحقق ما بعدها وتأتي لمعان أخر ( خزاعة ) : بضم الخاء المعجمة وبالزاي وهي قبيلة كانوا غلبوا على مكة وحكموا فيها ثم أخرجوا منها فصاروا في ظاهرها وهذا من تتمة خطبته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، وكانت خزاعة قتلوا في تلك الأيام رجلا من قبيلة بني هذيل بقتيل لهم في الجاهلية ، فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ديته لإطفاء الفتنة بين الفئتين ( هذا القتيل ) : أي المقتول ( من هذيل ) : بالتصغير ( وإني عاقله ) : أي مؤد ديته من العقل وهو الدية سميت به لأن إبلها تعقل بفناء ولي الدم أو لأنها تعقل أي تمنع دم القاتل عن السفك ( فأهله ) : أي وارث القتيل ( بين خيرتين ) : بكسر ففتح ويسكن أي اختيارين ، والمعنى مخير بين أمرين . وقال بعض شراح المصابيح : الخيرة الإثم من الاختيار ( بين أن يأخذوا ) : أي أولياء المقتول ( العقل ) : أي الدية من عاقلة القاتل ( أو يقتلوا ) : أي قاتله .

                                                                      [ ص: 173 ] قال الخطابي : فيه بيان أن الخيرة إلى ولي الدم في القصاص وأخذ الدية ، وأن القاتل إذا قال لأعطينكم المال فاستفيدوا مني واختار أولياء الدم المال كان لهم مطالبته به ، ولو قتله جماعة كان لولي الدم أن يقتل منهم من شاء ويطالب بالدية من شاء ، وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق .

                                                                      وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس ، وهو قول سعيد بن المسيب والشعبي وابن سيرين وعطاء وقتادة . وقال الحسن والنخعي ليس لأولياء الدم إلا الدم إلا أن يشاء القاتل أن يعطي الدية انتهى .

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح .




                                                                      الخدمات العلمية