الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 91 ) فصل : فأما سائر الآنية فمباح اتخاذها واستعمالها ، سواء كانت ثمينة ، كالياقوت والبلور والعقيق والصفر والمخروط من الزجاج ، أو غير ثمينة ، كالخشب والخزف والجلود . ولا يكره استعمال شيء منها في قول عامة أهل العلم ، إلا أنه روي عن ابن عمر أنه كره الوضوء في الصفر والنحاس والرصاص وما أشبه ذلك .

                                                                                                                                            واختار [ ص: 60 ] ذلك الشيخ أبو الفرج المقدسي ; لأن الماء يتغير فيها ، وروي أن الملائكة تكره ريح النحاس ، وقال الشافعي في أحد قوليه : ما كان ثمينا لنفاسة جوهره فهو محرم ; لأن تحريم الأثمان تنبيه على تحريم ما هو أعلى منه ; ولأن فيه سرفا وخيلاء وكسر قلوب الفقراء ، فكان محرما كالأثمان .

                                                                                                                                            ولنا ما روي عن عبد الله بن زيد ، قال : { أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صفر ، فتوضأ . } متفق عليه ، وروى أبو داود في " سننه " ، عن عائشة قالت : { كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في تور من شبه } ولأن الأصل الحل ، فيبقى عليه ، ولا يصح قياسه على الأثمان ; لوجهين : أحدهما أن هذا لا يعرفه إلا خواص الناس ، فلا تنكسر قلوب الفقراء باستعماله ، بخلاف الأثمان .

                                                                                                                                            والثاني أن هذه الجواهر لقلتها لا يحصل اتخاذ الآنية منها إلا نادرا ، فلا تفضي إباحتها إلى اتخاذها واستعمالها ، وتعلق التحريم بالأثمان التي هي واقعة في مظنة الكثرة ، فلم يتجاوزه ، كما تعلق حكم التحريم في اللباس بالحرير ، وجاز استعمال القصب من الثياب ، وإن زادت قيمته على قيمة الحرير ; ولأنه لو جعل فص خاتمه جوهرة ثمينة جاز ، وخاتم الذهب حرام ، ولو جعل فصه ذهبا كان حراما ، وإن قلت قيمته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية