الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 442 ] 779 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحتج به من ذهب إلى إطلاق بيع المدبر .

4918 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا عبد الحميد بن موسى ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم وهو الجزري ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل قد دبر غلاما له ، فاحتاج فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الصدقة عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول .

4919 - وحدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا عمرو بن خالد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عطاء ، عن جابر : أن رجلا أعتق عبده عن دبر منه ، فاحتاج مولاه فأمره [ ص: 443 ] ببيعه ، فباعه بثمان مائة درهم ، فقال : أنفقها على عيالك ، فإنما الصدقة عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إطلاقه للمدبر لهذا العبد بيعه ، وقد روي هذا الحديث ، عن عطاء بن أبي رباح من غير هذين الوجهين .

4920 - كما قد حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن المبارك ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن حسين المعلم ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله : أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر منه ، فاحتاج ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم ، فدفعها إليه النبي صلى الله عليه وسلم .

4921 - وكما حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا داود بن [ ص: 444 ] عمرو ، قال : حدثنا حسان بن إبراهيم ، عن إبراهيم الصائغ ، عن عطاء ، قال : أخبرني جابر بن عبد الله : أن رجلا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم له مملوك ، فأعتقه على ذلك النحو ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : من يشتريه مني ، فباعه ودفع ثمنه إلى صاحبه .

4922 - كما حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، قال : حدثنا شعيب بن إسحاق ، عن الأوزاعي ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كان لرجل عبد ، فجعل له العتق بعد موته ، وكان قليل الشيء ، فباع رسول الله صلى الله عليه وسلم العبد ، ثم دفع إليه ثمنه ، وقال : أنت إلى ثمنه أحوج ، والله - عز وجل - أغنى .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى بيع ذلك المدبر ، فاحتمل أن يكون ذلك كان لمعنى في الرجل الذي باعه [ ص: 445 ] عليه من الأحوال التي تقصر بمالكي العبيد عن التبسط في عبيدهم بالتدبير وبما سواه ، فباعه عليه لذلك ، وهكذا وجدنا هذا الحديث من رواية عطاء ، عن جابر ، وقد رواه عن جابر أيضا مجاهد .

4923 - كما قد حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كان بالمدينة رجل من بني عذرة ، فأعتق غلاما له قبطيا ، يدعى : أبا المذكر عن دبر منه ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له حاجة ، فأمره أن يبيعه ، فباعه بثمان مائة درهم من نعيم النحام .

4924 - وكما حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا المحاربي ، عن محمد بن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد [ ص: 446 ] عن جابر بن عبد الله ، قال : كان لرجل من بني عذرة عبد فأعتقه عن دبر منه ، وكان ذا حاجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان لأحدكم حاجة فليبدأ بنفسه ، ثم أمره فباعه من نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم .

4925 - وكما حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا الحسين بن محمد المروزي ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن جابر بن عبد الله أن رجلا من الأنصار ، يكنى : أبا مذكر ، أعتق عبدا له عن دبر ، وليس له مال غيره ، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فباعه من نعيم بن عبد الله النحام بثمان مائة درهم ، ودعاه فرد عليه الثمن ، وقال : إنما يعتق من له فضل ، وإلا فإنما يعود على نفسه .

4926 - وكما حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا الحسين بن محمد ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر مثل ذلك ، غير أنه قال : قال جابر : عبدا قبطيا يقال له : يعقوب ، مات عام أول .

[ ص: 447 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى بيع ذلك المملوك ، فقد يحتمل : أن يكون ذلك للمعنى الذي قد ذكرناه في حديث عطاء ، عن جابر .

ثم نظرنا هل روى هذا الحديث عن جابر غير من ذكرنا .

فوجدنا محمد بن المنكدر قد رواه أيضا ، عن جابر .

4927 - كما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا المقدمي ، قال : حدثنا سعيد بن سلمة .

قال أبو جعفر : وهو ابن أبي الحسام ، قال : حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله : أن رجلا أعتق عبدا له ليس له مال غيره ، فرده النبي صلى الله عليه وسلم في الرق ، فباعه وأعطاه ثمنه .

ثم نظرنا : هل رواه عن جابر غير من ذكرنا . ؟

[ ص: 448 ]

4928 - فوجدنا أحمد بن داود قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان .

4929 - ووجدنا أحمد قد حدثنا ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا حماد بن زيد جميعا ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر منه ، لم يكن له مال غيره ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بن النحام عبدا قبطيا ، مات عام أول بثمان مائة درهم .

[ ص: 449 ] فكان في هذا الحديث ، أيضا مثل ما في الأحاديث التي قبله ، وكان محتملا لما احتملته الأحاديث التي قبله .

ثم نظرنا : هل رواه عن جابر غير من ذكرنا .

4930 - فوجدنا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر : أن رجلا من الأنصار يقال له : أبو فاطمة ، أعتق غلاما له عن دبر منه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل له من مال غيره ؟ فقالوا : لا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن النحام ختن عمر بن الخطاب بثمان مائة درهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنفقها على نفسك ، فإن كان فضل فعلى أهلك ، فإن كان فضل فعلى أقاربك ، فإن كان فضل ، فاقسم هاهنا وهاهنا ، يمينا وشمالا .

[ ص: 450 ]

4931 - ووجدنا يزيد بن سنان قد حدثنا ، قال : حدثنا عمرو بن خالد ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، قال : حدثنا أبو الزبير ، عن جابر ، قال : أعتق رجل من الأنصار غلاما له عن دبر منه ، فقال عمرو : أرى أن زهيرا ، قال : يقال له : أبو مذكور ، لم يكن له مال غيره ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعتقت غلامك عن دبر منك ؟ قال : نعم ، قال : من يشتريه مني ، فابتاعه النحام بثمان مائة درهم ، فدفعها إليه ، فقال : أنفق على نفسك ، فإن فضل عنك شيء فعلى أهلك ، فإن فضل شيء فعلى ذوي قرابتك ، فإن فضل شيء ، فهكذا وهكذا .

4932 - ووجدنا يونس قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثنا ابن لهيعة والليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، ثم ذكر مثله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

4933 - ووجدنا يزيد بن سنان قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن [ ص: 451 ] عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا عزرة بن ثابت ، عن أبي الزبير ، عن جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم باع مدبرا بثمان مائة درهم ، ودفع ثمنه إلى مولاه ، وقال : إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه .

قال أبو جعفر : ففي أحاديث سفيان وزهير والليث وابن لهيعة كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحوال مولى ذلك العبد ، أله مال غيره ؟ أو ليس له مال غيره ، وبيعه إياه لما وقف على أن لا مال له غيره ، ففي هذا ما يدل : أن أحواله في تدبيره عبده إذا كان له مال غيره خلاف تدبيره إياه ، وليس له مال غيره ، ولم يكن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لاختلاف الأحوال في ذلك ، وقد روي عن عطاء ما يدل أن مذهبه كان كذلك .

كما حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي ، قال : حدثني أسباط بن محمد ، قال : حدثنا عبد الملك ، عن عطاء في رجل أعتق جارية ، عن دبر أيطؤها ، قال : نعم ، قال : أيبيعها ، قال : لا إلا أن يحتاج إلى ثمنها .

[ ص: 452 ] قال الشيخ : فمن يطلق بيعه عن غير حاجة منه إلى ثمنه ، كان هذا الحديث حجة عليه .

وقد روي عن عطاء ، عن جابر : أن المبيع من ذلك المدبر ، إنما هو خدمته لا رقبته .

4934 - كما حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن طريف الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، قال : حدثنا عبد الملك ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببيع خدمة المدبر ، فكان في هذا الحديث ، أن الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعه من المدبر ، خدمته لا رقبته .

فقال قائل : أفيجوز أن يقال في هذا باعه وإنما آجره .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - : أن هذا مما قد يجوز أن يذكر بالبيع ، وإنما يراد منه الإجارة ، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 453 ]

4935 - ما قد حدثناه يزيد ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : حدثني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن بيع بياض الأرض لتحترث ، يبيع الرجل أرضه ، فنهى رسول الله عن ذلك .

4936 - ومما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن سليم بن حيان ، عن سعيد بن مينا ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من كان له فضل ماء ، أو فضل أرض ، فليزرعها ولا يبيعها ، قال سليم : فقلت له : يعني : الكراء ، قال : نعم ، قال : ففي هذا الحديث ذكر الإجارة [ ص: 454 ] المنهي عنها بالبيع ، فكما جاز في هذا أن يطلق عليها اسم البيع ، احتمل أن يكون بيع خدمة المدبر أيضا كانت كذلك من إطلاق اسم البيع عليها ، وقد كشفنا عن حديث جابر هذا فوجدنا جابرا لم يأخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أخذه عن رجل غيره ممن لا يعلم أهو من أصحابه أم من غيرهم ، وفي ذلك ما يمنع الاحتجاج به .

4937 - كما حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد ، يعني : ابن جعفر غندرا ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو ، قال : سمعت جابرا ، عن رجل من قومه أنه أعتق مملوكا له عن دبر ، فدعا به النبي صلى الله عليه وسلم فباعه .

[ ص: 455 ] ثم وجدنا هذه القصة قد روي أنها كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدبر ، قد كان مات مولاه .

4938 - كما حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قال : حدثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن عطاء وأبي الزبير ، عن جابر أن رجلا دبر مملوكا له ، ثم مات وعليه دين ، فباعه النبي صلى الله عليه وسلم في دينه .

[ ص: 456 ]

4939 - وكما حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا شريك ، ثم ذكر بإسناده مثله .

4940 - وكما قد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله ، قال : مات ختن لعمر بن الخطاب ، وعليه دين ، وله مدبر ، فباعه النبي صلى الله عليه وسلم في دينه .

ففيما روينا : أن هذا البيع من النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المدبر ، إنما كان بعد موت مولاه في الدين الذي كان على مولاه ، وقد قال جماعة من أهل المدينة ، منهم : مالك بن أنس : إن المدبر يباع بعد موت مولاه في دين مولاه ، وهم يمنعون مولاه من بيعه في حياته ، فإن كان الحديث إنما كان على ما في حديث شريك هذا ، فليس فيه ما يوجب إطلاق بيع المدبر في حياة مولاه ، وبعد هذا فهذا اضطراب شديد قد وقع في هذا الباب مما يحتج من يطلق بيع المدبر باضطراب بعض الأحاديث بأقل من هذا القدر ، قال في حديث بروع : إنه قد اضطرب [ ص: 457 ] عنده ; لأن بعض الناس يقول فيه معقل بن سنان ، وبعضهم يقول فيه معقل بن يسار ، وإن كنا ما وجدناه عن معقل بن يسار في رواية أحد ، وإذا كان هذا عنده اضطرابا كان ما ذكرناه في حديث المدبر بالاضطراب أولى ، وكان إذ وسعه فيما قال في حديث بروع تركه ، والأخذ بغيره ، كان من منع من بيع المدبر في حياة مولاه بالاضطراب الذي روي فيه لمن منع من ذلك أوسع .

ولقد وجدنا عن جابر بن عبد الله ، وهو الذي روى الحديث : ما يدل على أن مذهبه كان أن لا يباع المدبر .

كما قد حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في أولاد المدبرة : إذا مات مولاها ، لا يراهم إلا أحرارا ، وولدها ذلك منها كأنه عضو منها ، فهذا جابر يقول هذا ، وفي ذلك من قوله ما قد دل على أن المدبرة [ ص: 458 ] ليست معتقة بوصية ; لأن الموصى بعتقها إذا ولدت ولدا في حياة مولاها لا يجب عتاقه معها بعد موت مولاها ، ففي ذلك ما قد دل أن للتدبير عملا فيمن دبر في حياة مولاه ليس مع الموصى بعتقه ذلك العمل للوصية بعتقه ، وقد وكد هذا المعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قد رويناه فيه إنما الصدقة عن ظهر غنى ، ففي ذلك ما يوجب عمل التدبير في المدبر في حياة مولاه ، ولا ينكر بيع من هذه سبيله ، وقد وجدنا عن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر ما يدل على المنع من بيع المدبر .

كما حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي النضر ، عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، بطن من بطون جهينة ، أنه قال : أنكح سيد جدتي جدتي عبدا له ، ثم أعتقها عن دبر ، وقد ولدت أولادا قبل أن يعتقها وولدت أولادا بعد عتقها عن دبر ، ثم توفي سيدها ، فخاصمت إلى عثمان - رضي الله عنه - فقضى : أن ما ولدت قبل أن تدبر عبيد ، وما ولدت بعد التدبير معها يعتقون بعتاقها .

وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبيد الله ، عن نافع [ ص: 459 ] عن ابن عمر ، قال : ولد المدبرة بمنزلتها .

وكما حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : المعتقة عن دبر ولدها بمنزلتها ، يعتقون بعتقها ، ويرقون برقها .

ففي هذا الحديث من عثمان وابن عمر ما قد دل على أن مذهبهما كان في المدبرة المذهب الذي ذكرناه عن جابر فيها ، وهذا القول في المنع من بيع المدبرة قد قال به من فقهاء الأمصار أبو حنيفة وابن أبي ليلى والثوري وأئمة الحجاز كمالك وذويه ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية