الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مرح

                                                          مرح : المرح : شدة الفرح والنشاط حتى يجاوز قدره ، وقد أمرحه غيره ، والاسم المراح ، بكسر الميم ، وقيل المرح التبختر والاختيال . وفي التنزيل : ولا تمش في الأرض مرحا أي متبخترا مختالا ، وقيل : المرح الأشر والبطر ، ومنه قوله تعالى : بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ، وقد مرح مرحا ومراحا ورجل مرح من قوم مرحى ومراحى ومريح ، بالتشديد ، مثل سكير من قوم مريحين ، ولا يكسر ، ومرح ، بالكسر ، مرحا : نشط . وفي حديث علي : زعم ابن النابغة أني تلعابة تمراحة ، قال ابن الأثير : هو من المرح وهو النشاط والخفة ، والتاء زائدة ، وهو من أبنية المبالغة ، وأتى به في حرف التاء حملا على ظاهر لفظه . وفرس مروح وممرح وممراح : نشيط وقد أمرحه الكلأ . وناقة ممراح ومروح : كذلك قال :


                                                          تطوي الفلا بمروح لحمها زيم



                                                          وقال الأعشى يصف ناقة :


                                                          مرحت حرة كقنطرة الرو     مي ، تفري الهجير بالإرقال

                                                          ابن سيده : المروح الخمر ; سميت بذلك لأنها تمرح في الإناء ، قال عمارة :


                                                          من عقار عند المزاج مروح

                                                          وقول أبي ذؤيب :


                                                          مصفقة مصفاة عقار     شآمية ، إذا جليت ، مروح

                                                          أي لها مراح في الرأس وسورة يمرح من يشربها . وقوس مروح : يمرح راءوها عجبا إذا قلبوها ، وقيل : هي التي تمرح في إرسالها السهم ، تقول العرب : طروح مروح تعجل الظبي أن يروح ، الجوهري : قوس مروح كأن بها مرحا من حسن إرسالها السهم . ومرحى : كلمة تقال للرامي إذا أصاب ، قال ابن مقبل :


                                                          أقول ، والحبل معقود بمسحله     مرحى له ! إن يفتنا مسحه يطر

                                                          أبو عمرو بن العلاء : إذا رمى الرجل فأصاب قيل : مرحى له ! وهو تعجب من جودة رميه ، وقال أمية بن أبي عائذ :

                                                          يصيب القنيص ، وصدقا يقول : مرحى وأيحى ! إذا ما يوالي مرحى وأيحى : كلمة التعجب شبه الزجر ، وإذا أخطأ قيل له : برحى ! ومرحت الأرض بالنبات مرحا : أخرجته . وأرض ممراح إذا كانت سريعة النبات حين يصيبها المطر ، الأصمعي : الممراح من الأرض التي حالت سنة فلم تمرح بنباتها . ومرح الزرع يمرح : خرج سنبله . ومرحت العين مرحانا : اشتد سيلانها ، قال :


                                                          كأن قذى في العين قد مرحت به     وما حاجة الأخرى إلى المرحان

                                                          وقيل : مرحت مرحانا ضعفت ، قال ابن بري : هذا البيت ينسب إلى النابغة الجعدي ، وقبله :


                                                          تواهس أصحابي حديثا فقهته خفيا     وأعضاد المطي عواني

                                                          التواهس : التسارر ، أراد أن أصحابه تساروا بحديث حربه . والعواني هنا : العوامل . وقد قيل في مرحت العين إنها بمعنى أسبلت الدمع ، وكذلك السحاب إذا أسبل المطر ، والمعنى : أنه لما بكى ألمت عينه فصارت كأنها قذية ، ولما أدام البكاء قذيت الأخرى ، وهذا كقول الآخر :


                                                          بكت عيني اليمنى ، فلما زجرتها     عن الجهل بعد الحلم ، أسبلتا معا

                                                          وقال شمر : المرح خروج الدمع إذا كثر ، وقال عدي بن زيد :


                                                          مرح وبله يسح سيوب الم     اء سحا ، كأنه منحور

                                                          وعين ممراح : سريعة البكاء . ومرحت عينه مرحانا : فسدت وهاجت . وعين ممراح : غزيرة الدمع . ومرح الطعام : نقاه من الغبا بالمحاوق ، أي المكانس . ومرح جلده : دهنه ، قال [ الطرماح ] :


                                                          سرت في رعيل ذي أداوى ، منوطة     بلباتها مدبوغة لم تمرح

                                                          قوله : سرت ، يعني قطاة . في رعيل أي في جماعة قطا . ذي أداوى يعني حواصلها . منوطة : معلقة . بلباتها يعني مواضع المنحر ، وقيل : التمريح أن تؤخذ المزادة أول ما تخرز فتملأ ماء حتى تمتلئ خروزها وتنتفخ ، والاسم المرح ، وقد مرحت مرحانا . قال أبو حنيفة : ومزادة مرحة لا تمسك الماء . ويقال : قد ذهب مرح المزادة إذا انسدت عيونها ولم يسل منها شيء ، ابن الأعرابي : التمريح تطييب القربة الجديدة بأذخر أو شيح ، فإذا طيبت بطين فهو التشريب ، وبعضهم جعل تمريح المزادة أن تملأها ماء حتى تبتل خروزها ويكثر سيلانها قبل انتفاخها ، فذلك مرحها . ومرحت القربة : شربتها ، وهو أن تملأها ماء لتنسد عيون الخرز . والمراح : موضع ، قال :


                                                          تركنا ، بالمراح وذي سحيم     أبا حيان في نفر منافي

                                                          ومرحيا : زجر عن السيرافي . ومرحى ناقة بعينها ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          ما بال مرحى قد أمست ، وهي ساكنة     باتت تشكى إلي الأين والنجدا

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية