الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعز - : وكم من قرية أهلكناها ؛ المعنى : وكم من أهل قرية أهلكناهم! إلا أن " أهل " ؛ حذف؛ لأن في الكلام دليلا عليه؛ وقوله : فجاءها بأسنا بياتا ؛ محمول على لفظ القرية؛ ولو قيل : " فجاءهم " ؛ لكان صوابا؛ وقوله : أو هم قائلون ؛ قال بعض النحويين : المعنى : " وهم قائلون " ؛ والواو فيما ذكر محذوفة؛ وهذا لا يحتاج إلى ضمير الواو؛ ولو قلت : " جاءني زيد راجلا؛ أو وهو فارس " ؛ أو : " جاءني زيد هو فارس " ؛ لم تحتج إلى واو؛ لأن الذكر قد عاد إلى الأول؛ ومعنى " بياتا " : ليلا؛ يقال : " بات بياتا حسنا " ؛ و " بيتة حسنة " ؛ والمصدر في الإصابات " بيتا " ؛ و " البيت " : بيت الشعر؛ وكذلك بيت المدر؛ وإنما أصل تسميته من أنه يصلح للمبيت؛ ويقال : " لفلان بيتة وليلة " ؛ و " بيت ليلة " ؛ أي : ما يكفيه من القوت في ليلة؛ ومعنى " أو هم قائلون " : أي : " أو جاءهم بأسنا نهارا في وقت القائلة " ؛ يقال : " قلت " ؛ من " القائلة " ؛ [ ص: 318 ] فالمعنى : " إنهم جاءهم بأسنا غفلة؛ وهم غير متوقعين له " ؛ إما ليلا وهم نائمون؛ أو نهارا وهم قائلون " ؛ كأنهم غافلون؛ و " أو " ؛ ههنا؛ دخلت على جهة تصرف الشيء؛ ووقوعه؛ إما مرة كذا؛ وإما مرة كذا؛ فهي في الخبر ههنا بمنزلة " أو " ؛ في الإباحة؛ تقول : " جالس زيدا أو عمرا " ؛ أي : " كل واحد منهما أهل أن يجالس " ؛ و " أو " ؛ ههنا؛ أحسن من الواو؛ لأن الواو تتضمن اجتماع الشيئين؛ لو قلت : " ضربت القوم قياما وقعودا " ؛ لأوجبت الواو أنك ضربتهم وهم على هاتين الحالتين؛ وإذا قلت : " ضربتهم قياما أو ضربتهم قعودا " ؛ ولم تكن شاكا؛ فإنما المعنى أنك ضربتهم مرة على هذه الحال؛ ومرة على هذه الحال؛ وموضع " كم " : رفع بالابتداء؛ وخبرها " أهلكناها " ؛ وهو أحسن من أن تكون في موضع نصب؛ لأن قولك : " زيد ضربته " ؛ أجود من " زيدا ضربته " ؛ والنصب جيد عربي أيضا؛ مثله قوله - جل وعز - : إنا كل شيء خلقناه بقدر

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية