الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مرس

                                                          مرس : المرس والمراس : الممارسة وشدة العلاج . مرس مرسا ، [ ص: 55 ] فهو مرس ومارس ممارسة ومراسا . ويقال : إنه لمرس بين المرس إذا كان شديد المراس . ويقال : هم على مرس واحد ، بكسر الراء ، وذلك إذا استوت أخلاقهم . ورجل مرس : شديد العلاج بين المرس . وفي حديث خيفان : أما بنو فلان فحسك أمراس ، جمع مرس ، بكسر الراء ، وهو الشديد الذي مارس الأمور وجربها ، ومنه حديث وحشي في مقتل حمزة - رضي الله عنه - : فطلع علي رجل حذر مرس أي شديد مجرب للحروب . والمرس في غير هذا : الدلك . والتمرس : شدة الالتواء والعلوق . وفي الحديث : أن من اقتراب الساعة أن يتمرس الرجل بدينه كما يتمرس البعير بالشجرة ، القتيبي : يتمرس بدينه أي يتلعب به ويعبث به كما يعبث البعير بالشجرة ويتحكك بها ، وقيل : تمرس البعير بالشجرة تحككه بها من جرب وأكال ، وتمرس الرجل بدينه أن يمارس الفتن ويشادها ويخرج على إمامه فيضر بدينه ولا ينفعه غلوه فيه كما أن الأجرب من الإبل إذا تحكك بالشجرة أدمته ولم تبرئه من جربه . ويقال : ما بفلان متمرس إذا نعت بالجلد والشدة حتى لا يقاومه من مارسه . وقال أبو زيد : يقال للرجل اللئيم لا ينظر إلى صاحبه ولا يعطي خيرا : إنما ينظر إلى وجه أمرس أملس لا خير فيه ولا يتمرس به أحد لأنه صلب لا يستغل منه شيء . وتمرس بالشيء : ضربه ، قال :


                                                          تمرس بي من جهله وأنا الرقم

                                                          وامترس الشجعان في القتال وامترس به أي احتك به وتمرس به . وامترس الخطباء وامترست الألسن في الخصومة : تلاجت وأخذ بعضها بعضا ، قال أبو ذؤيب يصف صائدا وأن حمر الوحش قربت منه بمنزلة من يحتك بالشيء فقال :

                                                          فنكرنه فنفرن ، وامترست به هوجاء هادية ، وهاد جرشع وفحل مراس : شديد المراس . والمرسة : الحبل لتمرس الأيدي به ، والجمع مرس وأمراس جمع الجمع ، وقد يكون المرس للواحد . والمرسة أيضا : حبل الكلب ، قال طرفة :


                                                          لو كنت كلب قنيص كنت ذا جدد     تكون أربته في آخر المرس والجمع كالجمع

                                                          ، قال :


                                                          يودع بالأمراس كل عملس من     المطعمات اللحم غير الشواحن والمرس

                                                          : مصدر مرس الحبل يمرس مرسا ، وهو أن يقع في أحد جانبي البكرة بين الخطاف والبكرة . وأمرسه : أعاده إلى مجراه . يقال : أمرس حبلك أي أعده إلى مجراه ، قال :

                                                          بئس مقام الشيخ أمرس أمرس إما على قعو وإما اقعنسس أراد مقام يقال فيه أمرس ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          وقد جعلت بين التصرف قامتي     وحسن القرى مما تقول تمرس

                                                          لم يفسر معناه قال غيره : ضرب هذا مثلا أي قد زلت بكرتي عن القوام ، فهي تمرس بين القعو والدلو . والمرس أيضا : مصدر قولك مرست البكرة تمرس مرسا . وبكرة مروس إذا كان من عادتها أن يمرس حبلها أي ينشب بينها وبين القعو ، وأنشد :


                                                          درنا ودارت بكرة نخيس     لا ضيقة المجرى ولا مروس

                                                          وقد يكون الإمراس إزالة الرشاء عن مجراه فيكون بمعنيين متضادين . قال الجوهري : وإذا أنشبت الحبل بين البكرة والقعو قلت : أمرسته ، قال : وهو من الأضداد عن يعقوب قال الكميت :


                                                          ستأتيكم بمترعة ذعاقا     حبالكم التي لا تمرسونا

                                                          أي لا تنشبونها إلى البكرة والقعو . ومرس الدواء والخبز في الماء يمرسه مرسا : أنقعه . ابن السكيت : المرس مصدر مرس التمر يمرسه ومرثه يمرثه إذا دلكه في الماء حتى ينماث فيه . ويقال للثريد : المريث لأن الخبز يماث . ومرست التمر وغيره في الماء إذا أنقعته ومرثته بيدك . ومرس الصبي إصبعه يمرسه : لغة في مرثه أو لثغة . ومرست يدي بالمنديل أي مسحت وتمرس به . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : كنت أمرسه بالماء أي أدلكه وأذيفه ، وقد يطلق على الملاعبة . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : زعم أني كنت أعافس وأمارس أي ألاعب النساء . والمرس : السير الدائم . وبيننا وبين الماء وبيننا وبين مكان كذا ليلة مراسة : لا وتيرة فيها ، وهي الليلة الدائبة البعيدة . وقالوا : أخرس أمرس ، فبالغوا به كما يقولون : شحيح بحيح ، ورواه ابن الأعرابي . ومريس : من بلدان الصعيد . والمريسية ، الريح الجنوب التي تأتي من قبل مريس . قال أبو حنيفة : ومريس أدنى بلاد النوب التي تلي أرض أسوان ; هكذا حكاه مصروفا . والمرمريس : الأملس ذكره أبو عبيدة في باب فعلليل ، ومنه قولهم في صفة فرس : والكفل المرمريس ، قال الأزهري . أخذ المرمريس من المرمر وهو الرخام الأملس وكسعه بالسين تأكيدا . والمرمريس : الأرض التي لا تنبت . والمرمريس : الداهية والدردبيس ، قال : وهو فعفعيل ، بتكرير الفاء والعين ، فيقال : داهية مرمريس أي شديدة . قال محمد بن السري : هي من المراسة . والمرمريس الداهي من الرجال وتحقيره مريريس إشعارا بالثلاثية ، قال سيبويه : كأنهم حقروا مراسا . قال ابن سيده : وقال مرمريت فلا أدري لغة أم لثغة . قال : وقال ابن جني ليس من البعيد أن تكون التاء بدلا من السين كما أبدلت منها في ست ، وفيما أنشد أبو زيد من قول الشاعر :


                                                          يا قاتل الله بني السعلات




                                                          عمرو بن يربوع شرار النات     غير أعفاء ولا أكيات



                                                          فأبدل السين تاء فإن قلت ، فإنا نجد لمرمريت أصلا نختاره إليه ، وهو المرت ، قيل : هذا هو الذي دعانا إلى أنه يجوز أن تكون التاء في مرمريت بدلا من السين في مرمريس ، ولولا أن معنا أمراتا لقلنا إن التاء فيه بدل من السين ألبتة كما قلنا ذلك في ست والنات وأكيات . والمراس : داء يأخذ الإبل وهو أهون أدوائها ولا يكون في غيرها ، عن الهجري . وبنو مريس وبنو ممارس : بطنان . الجوهري عن يعقوب : المارستان ، بفتح الراء ، دار المرضى ، وهو معرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية