الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مرط

                                                          مرط : المرط : نتف الشعر والريش والصوف عن الجسد . مرط شعره يمرطه مرطا فانمرط : نتفه ومرطه فتمرط ، والمراطة : ما سقط منه إذا نتف ، وخص اللحياني بالمراطة ما مرط من الإبط أي نتف . والأمرط : الخفيف شعر الجسد والحاجبين والعينين من العمش ، والجمع مرط على القياس ، ومرطة نادر ، قال ابن سيده : وأراه اسما للجمع ، وقد مرط مرطا . ورجل أمرط وامرأة مرطاء الحاجبين ، لا يستغنى عن ذكر الحاجبين ، ورجل نمص وهو الذي ليس له حاجبان ، وامرأة نمصاء يستغنى في الأنمص والنمصاء عن ذكر الحاجبين . ورجل أمرط : لا شعر على جسده وصدره إلا قليل ، فإذا ذهب كله فهو أملط ، ورجل أمرط بين المرط : وهو الذي قد خف عارضاه من الشعر ، وتمرط شعره أي تحات . وذئب أمرط : منتتف الشعر . والأمرط : اللص على التشبيه بالذئب . وتمرط الذئب إذا سقط شعره وبقي عليه شعر قليل ، فهو أمرط . وسهم أمرط وأملط : قد سقط عنه قذذه . وسهم مرط إذا لم يكن له قذذ . الأصمعي : العمروط اللص ومثله الأمرط . قال أبو منصور : وأصله الذئب يتمرط من شعره وهو حينئذ أخبث ما يكون . وسهم أمرط ومريط ومراط ومرط : لا ريش عليه ، قالالأسدي يصف السهم ، ونسب في بعض النسخ للبيد :


                                                          مرط القذاذ فليس فيه مصنع لا الريش ينفعه ولا التعقيب

                                                          ويجوز فيه تسكين الراء فيكون جمع أمرط ، وإنما صح أن يوصف به الواحد لما بعده من الجمع كما قال الشاعر :


                                                          وإن التي هام الفؤاد بذكرها     رقود عن الفحشاء ، خرس الجبائر

                                                          واحدة الجبائر : جبارة وجبيرة ، وهي السوار هاهنا . قال ابن بري : البيت المنسوب للأسدي مرط القذاذ هو لنافع بن نفيع الفقعسي ، ويقال لنافع بن لقيط الأسدي ، وأنشده أبو القاسم الزجاجي عن أبي الحسن الأخفش عن ثعلب لنويفع بن نفيع الفقعسي يصف الشيب وكبره في قصيدة له وهي :


                                                          بانت لطيتها الغداة جنوب     وطربت ، إنك ما علمت طروب
                                                          ولقد تجاورنا فتهجر بيتنا     حتى تفارق ، أو يقال مريب
                                                          وزيارة البيت ، الذي لا تبتغي     فيه سواء حديثهن ، معيب
                                                          ولقد يميل بي الشباب إلى الصبا     حينا ، فأحكم رأيي التجريب
                                                          ولقد توسدني الفتاة يمينها     وشمالها البهنانة الرعبوب
                                                          نفج الحقيبة لا ترى لكعوبها     حدا ، وليس لساقها ظنبوب
                                                          عظمت روادفها وأكمل خلقها     والوالدان نجيبة ونجيب
                                                          لما أحل الشيب بي أثقاله     وعلمت أن شبابي المسلوب
                                                          قالت : كبرت ! وكل صاحب لذة     لبلى يعود ، وذلك التتبيب
                                                          هل لي من الكبر المبين طبيب     فأعود غرا ؟ والشباب عجيب
                                                          ذهبت لداتي والشباب ، فليس لي     فيمن ترين من الأنام ضريب
                                                          وإذا السنون دأبن في طلب الفتى     لحق السنون وأدرك المطلوب
                                                          فاذهب إليك ، فليس يعلم عالم     من أين يجمع حظه المكتوب
                                                          يسعى الفتى لينال أفضل سعيه     هيهات ذاك ! ودون ذاك خطوب
                                                          يسعى ويأمل ، والمنية خلفه     توفي الإكام له ، عليه رقيب
                                                          لا الموت محتقر الصغير فعادل [ ص: 58 ]     عنه ، ولا كبر الكبير مهيب
                                                          ولئن كبرت لقد عمرت كأنني     غصن ، تفيئه الرياح ، رطيب
                                                          وكذاك حقا من يعمر يبله     كر الزمان ، عليه ، والتقليب
                                                          حتى يعود من البلى ، وكأنه     في الكف أفوق ناصل معصوب
                                                          مرط القذاذ ، فليس فيه مصنع     لا الريش ينفعه ولا التعقيب
                                                          ذهبت شعوب بأهله وبماله     إن المنايا للرجال شعوب
                                                          والمرء من ريب الزمان كأنه     عود ، تداوله الرعاء ، ركوب
                                                          غرض لكل منية يرمى بها     حتى يصاب سواده المنصوب

                                                          وجمع المرط السهم أمراط ومراط ، قال الراجز :


                                                          صب على شاء أبي رياط     ذؤالة كالأقدح المراط



                                                          وأنشد ثعلب :


                                                          وهن أمثال السرى الأمراط



                                                          والسرى هاهنا : جمع سروة من السهام ، وقال الهذلي :

                                                          إلا عوابس ، كالمراط ، معيدة بالليل مورد أيم متغضف وشرح هذا البيت مذكور في موضعه . وتمرط السهم : خلا من الريش . وفي حديث أبي سفيان : فامرط قذذ السهم أي سقط ريشه . وتمرطت أوبار الإبل : تطايرت وتفرقت . وأمرط الشعر : حان له أن يمرط . وأمرطت الناقة ولدها وهي ممرط : ألقته لغير تمام ولا شعر عليه ، فإن كان ذلك لها عادة فهي ممراط . وأمرطت النخلة وهي ممرط : سقط بسرها غضا تشبيها بالشعر ، فإن كان ذلك عادتها فهي ممراط أيضا . والمرطاوان والمريطاوان : ما عري من الشفة السفلى والسبلة فوق ذلك مما يلي الأنف . والمريطاوان في بعض اللغات : ما اكتنف العنفقة من جانبيها ، والمريطاوان : ما بين السرة والعانة ، وقيل : هو ما خف شعره مما بين السرة والعانة ، وقيل : هما جانبا عانة الرجل اللذان لا شعر عليهما ، ومنه قيل : شجرة مرطاء إذا لم يكن عليها ورق ، وقيل : هي جلدة رقيقة بين السرة والعانة يمينا وشمالا حيث تمرط الشعر إلى الرفغين ، وهي تمد وتقصر ، وقيل : المريطاوان عرقان في مراق البطن عليهما يعتمد الصائح ، ومنه قول عمر - رضي الله عنه - للمؤذن أبي محذورة - رضي الله عنه - حين سمع أذانه ورفع صوته : لقد خشيت أن تنشق مريطاؤك ولا يتكلم بها إلا مصغرة تصغير مرطاء ، وهي الملساء التي لا شعر عليها ، وقد تقصر . وقال الأصمعي : المريطاء ممدودة هي ما بين السرة إلى العانة ، وكان الأحمر يقول هي مقصورة . والمريطاء : الإبط ، قال الشاعر :


                                                          كأن عروق مريطائها إذا لضت الدرع عنها

                                                          ، الحبال والمريطاء : الرباط . قال الحسين بن عياش : سمعت أعرابيا يسبح فقلت : ما لك ؟ قال : إن مريطاي لبرسى : حكى هاتين الأخيرتين الهروي في الغريبين . والمريط من الفرس : ما بين الثنة وأم القردان من باطن الرسغ ، مكبر لم يصغر . ومرطت به أمه تمرط مرطا : ولدته . ومرط يمرط مرطا ومروطا : أسرع ، والاسم المرطى . وفرس مرطى : سريع وكذلك الناقة . وقال الليث : المروط سرعة المشي والعدو . ويقال للخيل : هن يمرطن مروطا . وروى أبو تراب عن مدرك الجعفري : مرط فلان فلانا وهرده إذا آذاه . والمرطى : ضرب من العدو ، قال الأصمعي : هو فوق التقريب ودون الإهذاب ، وقال يصف فرسا :


                                                          تقريبها المرطى والشد إبراق



                                                          وأنشد ابن بري لطفيل الغنوي :


                                                          تقريبها المرطى والجوز معتدل     كأنها سبد بالماء مغسول

                                                          والممرطة : السريعة من النوق ، والجمع ممارط ، وأنشد أبو عمرو للدبيري :


                                                          قوداء تهدي قلصا ممارطا     يشدخن بالليل الشجاع الخابطا

                                                          الشجاع الحية الذكر ، والخابط النائم ، والمرط كساء من خز أو صوف أو كتان ، وقيل : هو الثوب الأخضر ، وجمعه مروط . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في مروط نسائه أي أكسيتهن ، الواحد مرط ، يكون من صوف وربما كان من خز أو غيره يؤتزر به . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغلس بالفجر ، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس ، وقال الحكم الخضري :


                                                          تساهم ثوباها ففي الدرع رأدة     وفي المرط لفاوان ، ردفهما عبل

                                                          قوله تساهم أي تقارع . والمرط : كل ثوب غير مخيط . ويقال للفالوذ المرطراط والسرطراط ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية