الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              [ ص: 283 ] كتاب العيدين

                                                                                                                                                                              [ ص: 284 ] [ ص: 285 ] كتاب العيدين

                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر.

                                                                                                                                                                              قال الله جل ذكره: ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ) ، اختلف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر، فكان الشافعي يقول: إذا رأى هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد، والأسواق، والطرق، والمنازل، ومقيمين ومسافرين، وفي كل حال، وأين كانوا وأن يظهروا التكبير ولا يزالون يكبرون حتى يغدوا إلى المصلى، وبعد الغدو حتى يخرج الإمام للصلاة ثم يدعوا التكبير، وكذا أحب في ليلة الأضحى لمن لم يحج.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد روينا عن زيد بن أسلم روايتين في معنى قوله: ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ) الآية، إحداهما: [ ص: 286 ] أن التكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الإمام في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمام كف، فلا يكبر إلا بتكبيره، والرواية الأخرى عن زيد أنه قال في هذه الآية: بلغنا أنه التكبير يوم الفطر.

                                                                                                                                                                              فأما سائر الأخبار عن الأوائل فدالة على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة، فممن كان يفعل ذلك ابن عمر ، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب ، وأبي أمامة الباهلي، وأبي رهم، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              2092 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد قال: نا عبد العزيز بن محمد ، عن موسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، كان إذا خرج من بيته إلى العيد كبر حتى يأتي المصلى، ولا يخرج حتى تخرج الشمس.

                                                                                                                                                                              2093 - حدثنا موسى، قال: نا محمد بن عامر، قال: نا الحوطي، قال: نا يحيى بن سعيد العطار، عن عتبة بن المنذر، عن الحارث بن المنذر، قال: رأيت أبا أمامة الباهلي، وأبا رهم، وناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكبرون يوم الفطر إذا خرجوا إلى الصلاة". [ ص: 287 ]

                                                                                                                                                                              2094 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد قال: نا سويد بن عبد العزيز ، قال: نا حصين ، عن أبي جميلة، قال: رأيت عليا خرج من منزله يوم العيد فلم يزل يكبر حتى انتهى إلى الجبانة، ثم نزل فصلى ثم خطب على راحلته.

                                                                                                                                                                              وفعل ذلك إبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأبو الزناد، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وأبان بن عثمان، وأبي بكر بن محمد ، والحكم ، وحماد ، ومالك بن أنس ، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور ، وقال الأوزاعي : كان الناس إذا خرجوا يوم الفطر إلى مخرجهم كبروا حتى يفرغوا من الصلاة ثم نسكوا.

                                                                                                                                                                              وقد روينا في هذا الباب قولا ثالثا، وقد روينا عن ابن عباس أنه سمع الناس يكبرون قال: " ما شأن الناس؟ قلت: يكبرون قال: يكبر الإمام؟ قلت: لا، قال: أمجانين الناس". [ ص: 288 ]

                                                                                                                                                                              2095 - حدثنا موسى، قال: نا أبو بكر ، قال: نا يزيد، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة ، قال: كنت أقود ابن عباس يوم العيد فسمع الناس يكبرون، قال: ما شأن الناس؟ قلت: يكبرون، قال: يكبر الإمام؟ قلت: لا، قال: "أمجانين الناس".

                                                                                                                                                                              وروي عن النخعي أنه قال: إنما يفعل ذلك الحواكون.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية