الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما جاء في الصلاة بين العشاءين .

                                                                                                                                            947 - ( عن قتادة عن أنس في قوله تعالى: { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } قال : كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء ، وكذلك : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            948 - ( وعن حذيفة قال : { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب ، فلما قضى الصلاة قام يصلي ، فلم يزل يصلي حتى صلى العشاء ثم خرج } . رواه أحمد والترمذي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            أما قول أنس فرواه أيضا ابن مردويه في تفسيره من رواية الحارث بن وجيه قال : سمعت مالك بن دينار قال : سألت أنس بن مالك عن قوله تعالى { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } فقال : كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة فأنزل الله فيهم { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } والحارث بن وجيه ضعيف . ورواه أيضا من رواية أبان بن أبي عياش عن أنس نحوه ، وأبان ضعيف أيضا ، ورواه أيضا من رواية الحسن بن أبي جعفر عن مالك بن دينار عنه . ورواه أيضا من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه الآية قال : يصلون ما بين المغرب والعشاء . [ ص: 67 ] قال العراقي : وإسناده جيد ، ورواه أيضا من رواية خالد بن عمران الخزاعي عن ثابت عن أنس وأخرج نحوه أيضا من رواية يزيد بن أسلم عن أبيه قال : قال بلال : لما نزلت هذه الآية { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون بعد المغرب إلى العشاء فنزلت ، وأخرج محمد بن نصر عن أنس في قوله تعالى: { إن ناشئة الليل } قال : ما بين المغرب والعشاء . قال : { وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين المغرب والعشاء } .

                                                                                                                                            وفي إسناده منصور بن شقير ، كتب عنه أحمد بن حنبل ، وقال فيه أبو حاتم : ليس بقوي وفي حديثه اضطراب . وقال العقيلي : في حديثه بعض الوهم وفي إسناده أيضا عمارة بن زاذان ، وثقه الجمهور وضعفه الدارقطني ، وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف عن حميد بن عبد الرحمن عن عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس " أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول : " هي ناشئة الليل " ، هكذا جعله موقوفا ، وهكذا رواه القاضي أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث في كتاب الصلاة من رواية حماد بن سلمة عن عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس " أنه كان يحيي ما بين المغرب والعشاء ويقول : هي ناشئة الليل " وممن قال بذلك من التابعين أبو حازم ومحمد بن المنكدر وسعيد بن جبير وزين العابدين ، ذكره العراقي في شرح الترمذي وروى محمد بن نصر عن أنس ، قال العراقي : بإسناد صحيح إن قوله تعالى: { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } نزلت فيمن كان يصلي ما بين العشاء والمغرب . .

                                                                                                                                            وأخرج محمد بن نصر عن سفيان الثوري أنه سئل عن قوله تعالى: { من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } فقال : بلغني أنهم كانوا يصلون ما بين العشاء والمغرب

                                                                                                                                            وقد روي عن محمد بن المنكدر { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنها صلاة الأوابين } وهذا وإن كان مرسلا لا يعارضه ما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم : { صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال } فإنه لا مانع أن يكون كل من الصلاتين صلاة الأوابين .

                                                                                                                                            وأما حديث حذيفة المذكور في الباب فأخرجه الترمذي في باب مناقب الحسن والحسين من آخر كتابه مطولا وقال : حسن غريب وأخرجه أيضا النسائي مختصرا ، وأخرج أيضا ابن أبي شيبة عنه نحوه وفي الباب عن ابن عباس عند أبي الشيخ بن حبان في كتاب الثواب وفضائل الأعمال قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أحيا ما بين الظهر والعصر وما بين المغرب والعشاء غفر له وشفع له ملكان } وفي إسناده حفص بن عمر القزاز ، قال العراقي : مجهول ولابن عباس حديث آخر ، رواه الديلمي في مسند الفردوس بلفظ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنها صلاة الأوابين ، من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم رفعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى ، وهي خير من قيام [ ص: 68 ] نصف ليلة } قال العراقي : وفي إسناده جهالة ونكارة ، وهو أيضا من رواية عبد الله بن أبي سعيد ، فإن كان الذي يروي عن الحسن ويروي عنه يزيد بن هارون فقد جهله أبو حاتم ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وإن كان أبا سعيد المقبري فهو ضعيف

                                                                                                                                            وعن ابن عمر عند محمد بن نصر في كتاب قيام الليل بلفظ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم غفر له بها خمسين سنة } وفي إسناده محمد بن غزوان الدمشقي ، قال أبو زرعة : منكر الحديث ، وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به ، وله حديث آخر عند الديلمي في مسند الفردوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من صلى أربع ركعات بعد المغرب كان كالمعقب غزوة بعد غزوة في سبيل الله } وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف جدا قال العراقي : المعروف أنه من قول ابن عمر غير مرفوع ، هكذا رواه ابن أبي شيبة في المصنف .

                                                                                                                                            وعن ابن مسعود عند محمد بن نصر قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بين المغرب والعشاء أربع ركعات } وهو منقطع لأنه من رواية معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن جده ولم يدركه

                                                                                                                                            وعن عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد والطبراني { أنه سئل : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة بعد المكتوبة أو سوى المكتوبة ؟ قال : نعم بين المغرب والعشاء } .

                                                                                                                                            وعن عمار بن ياسر عند الطبراني في معاجمه الثلاثة وابن منده في معرفة الصحابة أنه { رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد المغرب ست ركعات ، وقال : من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر } قال الطبراني : تفرد به صالح بن قطن . وقال ابن الجوزي : إن في هذه الطريقة مجاهيل وعن أبي هريرة عند الترمذي وابن ماجه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة } وفي إسناده عمر بن عبد الله بن أبي خثعم وهو ضعيف جدا .

                                                                                                                                            وعن عائشة عند الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم { من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة } والآيات والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء ، والأحاديث وإن كان أكثرها ضعيفا فهي منتهضة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال ، قال العراقي : وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وسلمان الفارسي وابن عمر وأنس بن مالك في ناس من الأنصار

                                                                                                                                            ومن التابعين الأسود بن يزيد وأبو عثمان النهدي وابن أبي مليكة وسعيد بن جبير ومحمد بن المنكدر وأبو حاتم وعبد الله بن سخبرة وعلي بن الحسين وأبو عبد الرحمن الحبلي وشريح القاضي وعبد الله بن مغفل وغيرهم . ومن الأئمة سفيان الثوري




                                                                                                                                            الخدمات العلمية