الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  معلومات الكتاب

                                                                  موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

                                                                  القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

                                                                  [ ص: 64 ] كتاب أسرار الحج

                                                                  جعل الله البيت العتيق مثابة للناس وأمنا ، وأكرمه بالنسبة إلى نفسه تشريفا وتحصينا ومنا ، وجعل زيارته والطواف به حجابا بين العبد وبين العذاب ومجنا . والحج من بين أركان الإسلام ومبانيه عبادة العمر وتمام الإسلام وكمال الدين ، وأجدر بها أن تصرف العناية إلى شرحها وتفصيل أركانها وسننها وآدابها وفضائلها وأسرارها .

                                                                  [ الباب الأول ] فضائل الحج وفضيلة البيت ومكة والمدينة

                                                                  وشد الرحال إلى المسجد

                                                                  قال الله عز وجل : ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) [ الحج : 27 ] قال " قتادة " : لما أمر الله عز وجل " إبراهيم " - عليه السلام - أن يؤذن في الناس بالحج نادى : " يا أيها الناس إن الله عز وجل بنى بيتا فحجوه " وقال صلى الله عليه وسلم : " من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ويروى : " إن الكعبة تحشر كالعروس المزفوفة ، وكل من حجها متعلق بأستارها يسعون حولها حتى تدخل الجنة . وعن " الحسن البصري " - رضي الله عنه - أن صدقة درهم فيها بمائة ألف ، وكذلك كل حسنة بمائة ألف . ويقال : إن السيئات تضاعف بها كما تضاعف الحسنات . ولما عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة استقبل الكعبة وقال : " إنك لخير أرض الله عز وجل وأحب بلاد الله تعالى إلي ، ولولا أني أخرجت منك لما خرجت " .

                                                                  وما بعد مكة بقعة أفضل من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالأعمال فيها أيضا مضاعفة ، [ ص: 65 ] قال صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " وبعد مدينته الأرض المقدسة فإن الصلاة فيها بخمسمائة صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام . وما بعد هذه البقاع الثلاث فالمواضع فيها متساوية إلا الثغور فإن المقام بها للمرابطة فيها فيه فضل عظيم ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " لأن المساجد بعد المساجد الثلاثة متماثلة ، ولا بلد إلا وفيه مسجد فلا معنى للرحلة إلى مسجد آخر .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية