الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1295 [ ص: 67 ] (باب ما يحل عقد الشيطان)

                                                                                                                              وقال النووي : (باب الحث على صلاة الليل وإن قلت) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 65 - 66 ج6 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام. بكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا. فإذا استيقظ فذكر الله، انحلت عقدة، وإذا توضأ، انحلت عنه عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد.

                                                                                                                              فأصبح نشيطا طيب النفس. وإلا أصبح خبيث النفس كسلان"
                                                                                                                              ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم") .

                                                                                                                              قافية كل شيء: آخره. ومنه: قافية الشعر.

                                                                                                                              "ثلاث عقد إذا نام، بكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا". هكذا في معظم النسخ.

                                                                                                                              [ ص: 68 ] ورواية الأكثرين بالنصب على الإغراء.

                                                                                                                              ورواه بعضهم "بالرفع"، أي: بقي عليك ليل طويل.

                                                                                                                              قيل: عقد حقيقي، بمعنى: عقد السحر للإنسان، ومنعه من القيام.

                                                                                                                              قال تعالى: ومن شر النفاثات في العقد .

                                                                                                                              فعلى هذا، هو قول يقوله، يؤثر في تثبيط النائم، كتأثير السحر.

                                                                                                                              وقيل: يكون فعلا يفعله، كفعل النفاثات في العقد.

                                                                                                                              وقيل: هو من عقد القلب، وتصميمه. فكأنه يوسوس في نفسه، ويحدثه بأن عليك ليلا طويلا، فتأخر عن القيام. وقيل: هو مجاز، كنى به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل.

                                                                                                                              والحمل على الحقيقة والظاهر، أولى من الحمل على المجاز.

                                                                                                                              "فإذا استيقظ فذكر الله" عز وجل " انحلت عقدة، وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان".

                                                                                                                              أي: تمام عقدتين؛ أي: انحلت عقدة ثانية، وتم بها عقدتان.

                                                                                                                              "فإذا صلى انحلت العقد. فأصبح نشيطا طيب النفس"، لسروره بما وفقه الله الكريم له من الطاعة، ووعده به من ثوابه؛ مع ما يبارك له في نفسه، وتصرفه في كل أموره، مع مازال عنه من عقد الشيطان، وتثبيطه.

                                                                                                                              [ ص: 69 ] "وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" لما عليه من عقد الشيطان، وآثار تثبيطه، واستيلائه. مع أنه لم يزل ذلك عنه.

                                                                                                                              "فيه": الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ، وجاءت فيه أذكار مخصوصة مشهورة في الصحيح، وقد جمعها النووي وما يتعلق بها، في باب من كتاب (الأذكار) وغيره في غيره.

                                                                                                                              ولا يتعين لهذه الفضيلة ذكر، لكن الأذكار المأثورة فيه أفضل.

                                                                                                                              "وفيه": التحريض على الوضوء حينئذ ؛ وعلى الصلاة وإن قلت. وظاهر الحديث: أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة ؛ وهي الذكر، والوضوء، والصلاة، فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان.

                                                                                                                              وليس فيه مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم: خبثت نفسي"، فإن ذلك نهي للإنسان أن يقول هذا اللفظ عن نفسه، وهذا إخبار عن صفة غيره.

                                                                                                                              والبخاري بوب لهذا الحديث: (باب عقد الشيطان على رأس من لم يصل) ، فأنكر عليه المازري، وقال: الذي في الحديث، أنه يعقد على قافية رأسه وإن صلى بعده.

                                                                                                                              وإنما ينحل عقده بالذكر والوضوء، والصلاة.

                                                                                                                              [ ص: 70 ] قال: ويتأول كلام البخاري، أنه أراد أن استدامة العقد، إنما تكون على من ترك الصلاة.

                                                                                                                              وجعل من صلى وانحلت عقده، كمن لم يعقد عليه، لزوال أثره.

                                                                                                                              قلت: وترجمة المنذري لهذا الحديث، أوضح من الجميع.




                                                                                                                              الخدمات العلمية