الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ؛ " حيث " ؛ في موضع جر؛ إلا أنها بنيت على الضم؛ وأصلها أن تكون موقوفة؛ لأنها ليست لمكان بعينه؛ وأن ما بعدها صلة لها؛ ليست بمضافة إليه؛ ومن العرب من يقول : " ومن حيث خرجت " ؛ فيفتح لالتقاء الساكنين؛ ومنهم من يقول : " من حوث خرجت " ؛ ولا تقرأ بهاتين اللغتين؛ لأنهما لم يقرأ بواحدة منهما؛ ولا هما في جودة " حيث " ؛ المبنية على الضم؛ وقوله : إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ؛ " جعلنا " ؛ في اللغة؛ على ضروب؛ منها " جعلت بعض الشيء فوق بعض " ؛ أي : " عملته؛ وهيأته على هذه الصيغة " ؛ ومنها " جعل زيد فلانا عاقلا " ؛ تأويله : سماه " عاقلا " ؛ ومنها " جعل يقول كذا وكذا " ؛ تأويله أنه أخذ في القول؛ فأما معنى الآية فعلى ضربين - والله أعلم -؛ أحدهما أن يكون الكفار عوقبوا بأن سلطت عليهم الشياطين تزيدهم في غيهم عقوبة على كفرهم؛ كما قال - عز وجل - : ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ؛ [ ص: 330 ] أي : تحملهم على المعاصي حملا شديدا؛ تزجهم في شدة الغي؛ ويجوز " إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " : أي : سوينا بين الشياطين والكافرين في الذهاب عن الله؛ كما قال : المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية