الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          منح

                                                          منح : منحه الشاة والناقة يمنحه ويمنحه : أعاره إياها ، الفراء : منحته وأمنحه وأمنحه في باب يفعل ويفعل . وقال اللحياني : منحه الناقة جعل له وبرها وولدها ولبنها ، وهي المنحة والمنيحة . قال : ولا تكون المنيحة إلا المعارة للبن خاصة ، والمنحة : منفعته إياه بما يمنحه . ومنحه : أعطاه . قال الجوهري : والمنيحة منحة اللبن كالناقة أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك . وفي الحديث : هل من أحد يمنح من إبله ناقة أهل بيت لا در لهم ؟ وفي الحديث : " ويرعى عليهما منحة من لبن " أي غنم فيها لبن ، وقد تقع المنحة على الهبة مطلقا لا قرضا ولا عارية . وفي الحديث : " أفضل الصدقة المنيحة تغدو بعشاء وتروح بعشاء " . وفي الحديث : " من منحه المشركون أرضا فلا أرض له " ; لأن من أعاره مشرك أرضا ليزرعها فإن خراجها على صاحبها المشرك ، لا يسقط الخراج عنه منحته إياها المسلم ولا يكون على المسلم خراجها ، وقيل : كل شيء تقصد به قصد شيء فقد منحته إياه كما تمنح المرأة وجهها المرآة ، كقول سويد بن كراع :


                                                          تمنح المرآة وجها واضحا مثل قرن الشمس في الصحو ارتفع

                                                          قال ثعلب : معناه تعطي من حسنها للمرآة ، هكذا عداه باللام ، قال ابن سيده : والأحسن أن يقول تعطي من حسنها المرآة . وأمنحت الناقة دنا نتاجها ، فهي ممنح ، وذكره الأزهري عن الكسائي وقال : قال شمر : لا أعرف أمنحت بهذا المعنى ، قال أبو منصور : هذا صحيح بهذا المعنى ولا يضره إنكار شمر إياه . وفي الحديث : من منح منحة ورق أو منح لبنا كان كعتق رقبة وفي النهاية لابن الأثير : كان له كعدل رقبة قال أحمد بن حنبل : منحة الورق القرض ، قال أبو عبيد : المنحة عند العرب على معنيين : أحدهما أن يعطي الرجل صاحبه المال هبة أو صلة فيكون له ، وأما المنحة الأخرى فأن يمنح الرجل أخاه ناقة أو شاة يحلبها زمانا وأياما ثم يردها ; وهو تأويل قوله في الحديث الآخر : " المنحة مردودة والعارية مؤداة " . والمنحة أيضا تكون في الأرض يمنح الرجل آخر أرضا ليزرعها ، ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من كانت له أرض فليزرعها أي يمنحها أخاه أو يدفعها إليه حتى يزرعها ، فإذا رفع زرعها ردها إلى صاحبها " . ورجل مناح فياح إذا كان كثير العطايا . وفي حديث أم زرع : وآكل فأتمنح أي أطعم غيري ، وهو تفعل من المنح العطية . قال : والأصل في المنيحة أن يجعل الرجل لبن شاته أو ناقته لآخر سنة ثم جعلت كل عطية منيحة . الجوهري : المنح : العطاء . قال أبو عبيد : للعرب أربعة أسماء تضعها مواضع العارية : المنيحة والعرية والإفقار والإخبال . واستمنحه : طلب منحته أي استرفده . والمنيح : القدح المستعار ، وقيل : هو الثامن من قداح الميسر ، وقيل : المنيح منها الذي لا نصيب له ، وقال اللحياني : هو الثالث من القداح الغفل التي ليست لها فرض ولا أنصباء ولا عليها غرم ، وإنما يثقل بها القداح كراهية التهمة ; اللحياني : المنيح أحد القداح الأربعة التي ليس لها غنم ولا غرم : أولها المصدر ثم المضعف ثم المنيح ثم السفيح . قال : والمنيح أيضا قدح من أقداح الميسر يؤثر بفوزه فيستعار يتيمن بفوزه . والمنيح الأول : من لغو القداح ، وهو اسم له ، والمنيح الثاني المستعار ، وأما حديث جابر : كنت منيح أصحابي يوم بدر فمعناه أي لم أكن ممن يضرب له بسهم مع المجاهدين لصغري فكنت بمنزلة السهم اللغو الذي لا فوز له ولا خسر عليه ، وقد ذكر ابن مقبل القدح المستعار الذي يتبرك بفوزه :


                                                          إذا امتنحته من معد عصابة     غدا ربه ، قبل المفيضين ، يقدح

                                                          يقول : إذا استعاروا هذا القدح غدا صاحبه يقدح النار لثقته بفوزه وهذا هو المنيح المستعار ، وأما قوله :


                                                          فمهلا يا قضاع ، فلا تكوني     منيحا في قداح يدي مجيل

                                                          فإنه أراد بالمنيح الذي لا غنم له ولا غرم عليه . قال الجوهري : والمنيح سهم من سهام الميسر مما لا نصيب له إلا أن يمنح صاحبه شيئا . والمنوح والممانح من النوق مثل المجالح : وهي التي تدر في الشتاء بعدما تذهب ألبان الإبل ، بغير هاء ، وقد مانحت مناحا وممانحة ، وكذلك مانحت العين إذا سالت دموعها فلم تنقطع . والممانح من المطر : الذي لا ينقطع ، قال ابن سيده : والممانح من الإبل التي يبقى لبنها بعدما تذهب ألبان الإبل ، وقد سمت مانحا ومناحا ومنيحا ، قال عبد الله بن الزبير يهجو طيئا :


                                                          ونحن قتلنا بالمنيح أخاكم     وكيعا ، ولا يوفي من الفرس البغل

                                                          أدخل الألف واللام في المنيح وإن كان علما لأن أصله الصفة ، والمنيح هنا : رجل من بني أسد من بني مالك . والمنيح : فرس قيس بن مسعود . والمنيحة : فرس دثار بن فقعس الأسدي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية